تحولت قاعات امتحانات الثانوية العامة في الأردن لأول مرة، ساحات للاشتباك والمناوشات بين الطلبة وذويهم من جهة وقوات الشرطة من جهة أخرى، بعد قرار الحكومة تشديد الإجراءت لمنع الغش خلال الامتحان الذي فقد صدقيته بين المواطنين وحتى بين الدول المستقطبة للخريجين من المملكة. وشهد محيط مدارس تضم قاعات امتحانات، وخصوصاً على الأطراف بعيداً من العاصمة عمان والمدن الكبرى، مثل الزرقاء وإربد، في بداية الامتحانات قتالَ شوارع بين الشرطة وذوي الطلبة الذين اعتادوا على إيصال دفاتر إجابات نموذجية لأبنائهم داخل القاعات على مرأى من المراقبين الذين لا يحركون ساكناً ويستسلمون للأمر الواقع، خوفاً على حياتهم، فهؤلاء يكونون عادة على ثقة بأن حياتهم ستتعرض للخطر إذا حاولوا منع ذلك أو تحرير ضبط بالواقعة، خصوصاً أنهم يعرفون تماماً أنهم يمارسون عملهم في مناطق تغلب عليها الصبغة العشائرية وهم غرباء فيها. وأوقعت هذه الاشتباكات الكثير من الإصابات في صفوف الطلبة ورجال الأمن على حد سواء، كان آخرها إصابة أربعة رجال أمن أمام مدرسة عبد الحافظ العزب الثانوية في مدينة السلط (20 كلم غرب العاصمة عمان)، كما تسببت بحرمان آلاف الطلبة من الامتحان، ما دفع وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات إلى الإعلان عن خطة سيتم تطبيقها خلال الفصل الدراسي المقبل تتضمن نقل قاعات الامتحان إلى داخل أسوار الجامعات، ما يتيح مجالاً افضل لحفظ أمنها، بسبب تواجدها أصلاً في المدن وسهولة السيطرة على بواباتها. وفي تلك الأحداث شهد الأردن ظواهر سلوكية لم يعهدها المجتمع المحلي من قبل، مثل إقدام طالب على إشهار سيف على مدير قاعة امتحان ومراقبين لحرمانهم إياه من الامتحان بعدما ضبط متلبساً بالغش. غير أن تدخل رجال الأمن حال دون وقوع الجريمة. وألقى طالب آخر حُرم من الامتحان بسبب الغش أيضاً، بجسده تحت عجلات مركبة المراقب الذي ضبطه، ليقدم شكوى ضده ويلقي به خلف القضبان. وفي قضاء العارضة التابع لمحافظة البلقاء غرب العاصمة عمان، انشغل القضاء لمدة يومين بأعمال شغب وإغلاق طرق من أهال، احتجاجاً على حرمان مراقبي الثانوية العامة بعض أبنائهم من مادة واحدة، وبعضهم من دورة كاملة. وبحسب أولياء أمور، فقد تم حرمان 107 طلاب من أصل 109 هو مجموع المتقدمين للثانوية العامة من أبناء القضاء، فيما الطالبان الآخران غير المحرومين يحملان الجنسيتين المصرية والسورية. وكانت أعمال شغب اندلعت في مدرسة كثربا الثانوية في محافظة الكرك (150 كلم جنوب العاصمة عمان) على أثر قيام العشرات من أولياء أمور طلبة الثانوية العامة بمحاولة الاعتداء على المراقبين عقب انتهاء الامتحان لضبطهم ابنائهم متلبسين بالغش، ما يعني حرمانهم من الامتحان. في الوقت الذي أكد شهود عيان في المنطقة أن شبانا أطلقوا عيارات نارية باتجاه المدرسة التي يجري فيها تقديم الامتحان من دون أن يصاب أي شخص بأذى. ولاحقاً شهدت قاعات امتحانات الثانوية العامة هدوءاً نسبياً، بعكس ما شهدته بداية فترة الامتحانات، إذ لم تسجل أي حالة اقتحام لهذة القاعات أو تجمهر من قبل الأهالي أمامها في محاولة لتمرير الغش إلى الطلبة داخل تلك القاعات. وكانت الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية ومديريات التربية والتعليم لمواجهة حالات الفوضى والاعتداء على قاعات الامتحان، ساهمت في استعادة الهدوء والانتظام بحسب العديد من المراقبين. وبحسب وزير التربية تم حرمان 3050 طالباً وطالبة على مستوى المملكة حتى منتصف فترة الامتحانات نتيجة مخالفتهم التعليمات. وتمثلت العقوبات بتوجيه إنذارات وإلغاء مادة، وحرمان من دورة، ومن دورتين، وتحويل إلى القضاء، في سعي رسمي حثيث للحفاظ على هيبة الامتحان وصدقيته. وتنتشر أمام القاعات قوات شرطة، تمنع اقتراب أي شخص من الأسوار والنوافذ الخارجية للقاعات. وعبر طلبة تقدموا للامتحان عن امتعاضهم من شدة الإجراءات وصرامة المراقبين في بعض القاعات دون غيرها، زاعمين أن البعض تمكن من الغش وإن على نحو محدود، فيما آخرون منعوا كلياً حتى من التحرك بحرية. وقال رؤساء قاعات ومراقبون كانت قاعاتهم شهدت حالات من الفوضى والاعتداء عليهم ومحاولات غش متكررة أن ما قامت به الأجهزة الرسمية من نقل للقاعات من بعض المدارس والتحفظ على شبان كانوا يثيرون الفوضى خارج قاعات الامتحان ساهم في وقف كال أشكال الاعتداء والفوضى ومنع تواجد الأشخاص خارج قاعات الامتحان بشكل كبير. وأشار أحد مراقبي الامتحان في مدرسة بلدة الشهابية جنوب مدينة الكرك إلى أن قاعات الامتحان التي شهدت تجاوزات كبيرة من قبل أشخاص وشبان على المراقبين وقاعات الامتحان، عاد إليها الهدوء بشكل كامل بعد الإجراءات الأخيرة.