بين الإطراء والانتقاد، بين السخرية والجد، وبين التحليل المعمق والهمز واللمز، يعيش الشباب الكويتي في عالم افتراضي متكامل على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». فلكل موضوع موقف، وفي كل حادث داخلي أو خارجي، رأي وتعليق وهاشتاق ينتشر بلمح البصر ليسابق عقارب الساعة، سياسياً كان أو اجتماعياً أو حتى فنياً. شعار البعض الآن اشارة «رابعة»، وشعار آخرين «تمرد»، تعليقاً منهم على ما تشهده مصر من أحداث، منهم من يدون تغريداته باسماء مستعارة، وآخر يسجلها باسمه الصريح بحيث يخيل لكل متابع ان هذا الشاب لا شغل له ولا شاغل إلا «تويتر». لكن هل تلك ظاهرة ايجابية تعبر عن ارتباط الشاب بقضايا محيطه، أما انها سلبية وجاءت نتيجة لحال الفراغ التي يعيشها الشاب الكويتي محلياً؟ يجيب استاذ علم الاجتماع الدكتور محمد الحداد: «هذا نتاج طبيعي لزيادة عدد مستخدمي تويتر كنسبة من عدد السكان على مستوى الخليج العربي كله حيث تأتي قطر 8.46 في المئة والبحرين 7.53 في المئة في المقدمة، اما الكويت فتأتي ضمن الدول العربية الخمس الاولى من حيث انتشار استخدام تويتر فيها، وهي الدول نفسها التي تتصدر القائمة من حيث انتشار استخدام فايسبوك». وكان عدد التغريدات في الكويت خلال الاشهر الثلاثة الاولى من عام 2011 بلغ حوالى 3 ملايين و700 الف تغريدة، أما السبب فيربطه الحداد بارتفاع معدلات الاشتراك فى خدمات الهواتف الجوالة الذكية حيث انتجت الكويت أعلى عدد تغريدات (تويتر) في المنطقة للفترة نفسها. ويقول: «شهد موقع تويتر في الكويت نمواً متزايداً خلال السنوات الاربع الماضية بسبب الحراك السياسى المتسارع فيها وفي المنطقة بصورة عامة. فقد كان للحراك السياسي دور فعال في استخدام ادوات التواصل الاجتماعي الالكترونية والتي من ابرزها واهمها تويتر الذي اصبح أداة قوية للتدوين السياسي». وارتفع عدد مستخدمي «تويتر» في الكويت ليصل الى اكثر من 115 الف مقابل عدد السكان الذي بلغ 3.3 مليون نسمة، علماً ان 70 في المئة من المستخدمين هم من الشباب وقلة قليلة منهم من الناشطين فعلياً. ومعظم المعلومات الموجودة على «تويتر» تنتجها أقلية صغيرة في حين تستخدم الغالبية «تويتر» لاستهلاك الاخبار باعتباره مصدراً للمعلومات اكثر منه اداة للتدوين المصغر. ويرفض الحداد فكرة أن الشاب الكويتي «يتدخل» في تلك القضايا لأن ذلك تفاعل طبيعي مع ما يحدث من حوله لأنه وليد بيئة ديموقراطية اعطته مساحة من الحرية للتعبير عن الرأي والموقف. ولا يختلف المغردون الكويتيون عن غيرهم في استخدامات «تويتر» حيث تتنوع الاغراض بين جمع الاخبار ونشرها ومتابعة المشاهير او حتى التسويق للنشاطات الاقتصادية التي يقومون بها. ويقول الحداد: «صحيح ان هناك فرطاً في الاستخدام عند البعض ولكن ليس ذلك لغياب الهدف بل لأن فترات الفراغ الطويلة لدى الشباب وعدم وجود وسائل تواصل وترفيه اخرى متاحة في المجتمع تدفع بهذا الاتجاه. ولا شك في ان هناك سلبيات للاستخدام المفرط للتغريد مثل سرعة انتشار الاشاعات ومعلومات غير مؤكدة، وكثرة التهريج، ولكن هناك فوائد أيضاً. انا شخصياً استخدم تويتر للتواصل مع طلابي لتحديد الاختبارات الدورية ومواعيدها واوقات الساعات المكتبية، واحياناً للاعتذار عن المحاضرة، واحياناً اخرى لقراءة موضوع في التخصص او له علاقة بالمادة العلمية التي نطرحها في الفصل للطلبة والطالبات». رأي المغردين يقول المغرد محمد الدوسري إن المغرد الكويتي يتعامل مع قضايا المنطقة من حوله أكثر من القضايا المحلية لأن «المصير مشترك». ويضيف: «هذا شعور انتشر في الآونة الأخيرة ويعتبر ايجابياً لأنه يعبر عن تماسك الشعوب العربية». أما المغرد سعيد العماني فيرى ان الشباب الكويتي يعلق بالفعل على جميع الأحداث، حتى لو كانت خاصة ببلد آخر، وحتى لو كان غير مدرك لها وغير ملم بأبعادها. فالمهم بالنسبة اليه أن يعلق وهذا أمر سلبي يرتبط بحال الفراغ الكبيرة التي يعيشها. ويعتبر المغرد محمد العجمي الملقب ب «ابو عسم»، أن الشاب الكويتي يبالغ جداً في قضائه وقتاً طويلاً أمام «تويتر» لكنه يتفادى الحكم على ذلك، ويقول: «لا يمكن التعميم سواء بالسلبية أم الايجابية، فيبقى مجتمع «تويتر» وإن كان -مجتمعاً اعتراضياً- له مضاره ومنافعه. اما المبالغة فهي في التعاطي مع القضايا الخارجية. فهو يتجاوز أحياناً ابداء الرأي الى المشاركة الفعلية مثل التفاعل مع ملف المعونات المقدمة للشعب السوري او وضع شعارات (رابعة) للتعبير عن الرأي والموقف في القضية المصرية. فكمية المعلومات المتدفقة والمتعلقة بقضايا الخارج تدفع الجميع الى التعاطي مع هذه القضايا وفق قناعاتهم الفكرية، او اهتمامتهم».