كشف مصدر مصرفي عن صعوبات تواجه عدداً من المصارف التي تقدم قروضاً شخصية من دون تحويل الراتب، ما تسبب في ارتفاع حجم المديونيات لديها، مشيراً إلى أن المصارف فرضت الآن شرط تحويل الراتب لمن يتقدم للحصول على تمويل. وقال المصرفي (رفض ذكر اسمه) في حديثه إلى «الحياة»، إن المصارف بدأت تطبيق شرط تحويل الراتب بسبب «ارتفاع حجم القروض المتعثرة، ما أجبر غالبية المصارف السعودية على فرض شرط تحويل الراتب، وإيقاف برنامج شراء المديونيات وإعادة التمويل». وأكد أن «نسبة كبيرة من المستفيدين من شرط عدم تحويل الراتب تهربوا من التزاماتهم»، مفصحاً أن «المرحلة المقبلة ستشهد تشدد المصارف في شروط إقراض الأفراد، خصوصاً بعد الترخيص لشركات التمويل العقاري التي ستخلق تنافساً مع المصارف وتسعى إلى اقتطاع حصة من السوق من المصارف، ما يفتح المجال أمام المقترضين للحصول على قرضين من المصرف ومن شركة التمويل إذا لم تشترط تحويل الراتب». من جهته، قال أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة، إن عدم اشتراط المصارف تحويل الراتب في السابق تسبب لها في مشكلات ائتمانية كبيرة، إذ تهرب عدد كبير من المقترضين من سداد مديونياتهم، ما تسبب في رفع حجم الديون المتعثرة لدى تلك المصارف. وقال باعجاجة في حديثه إلى «الحياة» إن الطلب على القروض سيشهد ارتفاعاً كبيراً العام الحالي سواء من الأفراد أم الشركات، خصوصاً في ظل المشاريع الكبيرة التي تشهدها المملكة، وإقبال الأفراد على بناء مساكنهم بعد الحصول على تمويل من الشركات التي تم الترخيص لها. وتوقع أن ترفع المصارف نسبة الفائدة على القروض مع تنامي الطلب عليها خلال العام الحالي، وقال: «ارتفاع الطلب على القروض سيخفض حجم السيولة، وبالتالي ستتجه المصارف إلى رفع نسبة الفائدة على المقترضين». من جهته، قال الاقتصادي فايز الحمراني في حديثه إلى «الحياة»: «إن المصارف كانت لا تشترط تحويل الراتب في فترات سابقة، بسبب بحثها عن أكبر عدد من العملاء لتشغيل السيولة الكبيرة لديها»، مشيراً إلى أن تهرب المقترضين من سداد المديونيات وصعوبة تحصيل حقوقها جعلها تعيد النظر في تحويل الراتب، مؤكداً أن «المصارف لن تخسر في حال عدم تسديد القروض نظراً للتأمين عليها، وبذلك فإن المتضرر هي شركة التأمين المؤمنة». وأعرب عن اعتقاده بحصول مشكلة اقتصادية بسبب الرهن العقاري خلال فترة من ثلاثة إلى خمسة أعوام، إذ من المتوقع أن تتضرر المصارف الاستثمارية وشركات التأمين، وقد يفلس بعضها ويخرج من السوق بسبب التمويل العقاري. وأشار الحمراني إلى توافر سيولة كبيرة في السوق، إلا أنه لا يوجد تقنين لعملية الإقراض، لافتاً إلى أن ما حدث في أميركا من انهيار بسبب الرهن والتمويل العقاري لا يستبعد أن يحدث في المملكة بسبب برامج التمويل العقاري. وتابع: «نسبة الفائدة على القروض في المملكة خلال العام الحالي قد تنخفض أو ترتفع بحسب طريقة تسويق كل مصرف وسعيه إلى رفع محفظته الاستثمارية»، موضحاً أن الكثير من المصارف تقدم قروضاً في الوقت الحاضر بنسب فائدة منخفضة. من ناحيته، رأى المصرفي فضل البوعينين أن اتجاه المصارف إلى طلب تحويل الراتب يأتي نتيجة عدم التزام المقترضين بسداد مديونياتهم، واتجاه الكثير منهم إلى طلب أكثر من قرض من مصارف مختلفة، ما تسبب في تعثر السداد. وقال في حديث إلى «الحياة»: «إن نسبة تعثر سداد القروض الاستهلاكية لدى المصارف وصل إلى 1.5 في المئة وهي جيدة إلى حد ما»، محذراً من ارتفاع حجم مديونيات المصارف في شكل كبير في حال عدم طلبها تحويل راتب المقترض. وتوقع أن ترتفع نسبة الفائدة خلال العام الحالي نتيجة ارتفاع سعر الأساس، وأن يكون هناك نمو غير طبيعي في القروض الاستهلاكية، موضحاً أنه «لو تم تحسين وضع الرهن العقاري لحدث نمو كبير في حجم القروض». وأكد البوعينين أن المصارف والشركات التابعة لها والمتخصصة في التمويل ستسيطر على السوق في شكل كبير، فيما ستتضرر الشركات الأخرى، ومن المتوقع خروجها من السوق، مشيراً إلى أن المصارف لن تلجأ إلى خفض الفائدة في الوقت الحاضر، ولكن ستكون هناك منافسة قوية.