بعد سبات استمر 31 شهراً، يعود المسبار الأوروبي «روزيتا» إلى العمل الاثنين المقبل لمواصلة مهمته التي بدأها العام 2004 والهادفة إلى كشف أسرار المجموعة الشمسيّة. و»روزيتا» تابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وهو مصمم لدرس نشوء المجموعة الشمسية وتطورها من خلال دراسة المذنّب «67 بي/ تشوريوموف - غيراسيمنكو»، الذي سيلتقيه في الصيف المقبل، ويرافقه في مساره في الفضاء حتى آخر ال 2015. ويشبّه العلماء هذه المهمة بمهمات فهم تطوّر الحضارات من خلال التنقيب عن الآثار، ومن هنا اكتسب المسبار اسمه «روزيتا» أي حجر رشيد الذي له الفضل في فك رموز اللغة المصرية القديمة «الهيروغليفية» في القرن التاسع عشر. ويقول مارك ماكوغرين المسؤول في وكالة الفضاء الأوروبية: «المذنّبات بمثابة شهود على نشأة النظام الشمسي. ويعطينا الاطلاع على ما في هذه المذنّبات من غازات وغبار وجليد مؤشرات حول أصل نظامنا الشمسي وربما أصل الحياة، بما أنها تحتوي على جزيئات عضوية». وقد اختار العلماء هذا المذنّب دون سواه من آلاف المذنّبات القريبة، لأنه أمضى بلايين السنين في أعماق الفضاء قبل أن يؤدي اقترابه من كوكب المشتري عام 1959 إلى تغيّر مساره. ومعنى ذلك أن المذنّب بقي بعيداً من أثر أشعة الشمس وحرارتها. ويقول ماكغورين: «بقي صندوق المعلومات هذا مقفلاً على مدى 4,6 بليون سنة، وقد حان الوقت لفتح هذا الكنز». ومن المقرر أن يهبط المسبار على سطح المذنّب في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، وهو يحمل 21 جهازاً لدرس «كل شيء عن المذنّب»، من تكوينه وحقله المغناطيسي إلى جاذبيته ودرجة حرارته، وفقاً لأماليا أركولي فينزي إحدى المسؤولات عن المهمة. لكن الطريق لتحقيق المهمة كان طويلاً، فقد قطع المسبار سبعة بلايين كيلومتر منذ إطلاقه في آذار (مارس) 2004، وقد اضطر العلماء لجعله يدور حول الشمس خمس مرات ليكتسب قوة دفع مستفيداً من جاذبية الأرض والمريخ. واستغرقت الدورة الأخيرة حول الشمس سنوات عدة، وعمد العلماء إلى إطفاء أجهزته للاقتصاد في الطاقة اعتباراً من حزيران (يونيو) عام 2011 وتركه «ينام». وضبط موعد «استيقاظه» في 20 كانون الثاني (يناير) الجاري ليبدأ بعدها وعلى مدى ست ساعات بنشر ألواحه الشمسية التي يبلغ طول الواحد منها 14 متراً، لجمع ما يكفي من الطاقة، ثم يبدأ المسبار تشغيل أجهزته ليحدد مكانه في الفضاء، قبل أن يوجّه الهوائي الكبير الذي يحمله باتجاه كوكب الارض. وسيرسل بعدها المسبار أولى إشاراته إلى الأرض، من مسافة 800 مليون كيلومتر، ويتطلب وصول هذه الاشارات إلى الأرض 45 دقيقة على رغم أنها تتحرك بسرعة الضوء. وفي ذلك الوقت سيكون المسبار على مسافة نحو مئة كيلومتر فقط من المذنّب البالغ قطره أربعة كيلومترات، الأمر الذي يتيح له درسه وتحديد المكان المناسب لهبوطه على سطحه.