لم ينتظر وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعالون طويلاً بعد مغادرة وزير خارجية الولاياتالمتحدة جون كيري المنطقة، قبل أن يعاود جولته الأخيرة، حتى بادر إلى تأكيد أن الفجوات عميقة في المفاوضات بين اسرائيل والسلطة. وما يجري الحديث عنه اليوم ليس سوى تفاهمات لتمديد المفاوضات. ووفقاً لما نشره موقع صحيفة «معاريف»، فقد ذكر يعالون بأن من يعتقد بأننا اليوم نخوض مفاوضات الحل النهائي فهو مخطئ، لقد اعتقد البعض بأنه يمكن التوصل للحل النهائي خلال 9 شهور، لكننا اليوم نخوض مفاوضات بهدف التوصل الى اتفاق اطار لتمديد المفاوضات، لتقريب وجهات النظر والتي تحتاج لأكثر من شهرين من المفاوضات. المخاوف الفلسطينية تتركز حالياً على إمكانية أن تنجح الإدارة الأميركية في فرض «خطة سلام» عبر اتفاقية إطار هي في جوهرها ومضمونها أفكاراً أميركية منسوخة عن سلسلة أفكار ومواقف إسرائيلية، في وقت تتركز أفكار كيري وتشير إلى أن هناك قراراً أميركياً بتعويض إسرائيل على حساب الملف الفلسطيني، مقابل توقيع الدول العظمى إتفاقاً مع إيران في شأن برنامجها النووي، وفي ذلك محاولة من واشنطن ممارسة المزيد من الضغوط على الجانب الفلسطيني للقبول بما لا يمكن القبول به، وبالتالي محاولة تعويض نتانياهو عن الإتفاق مع إيران. وإذ ليس هناك في الأفق أية حلول عملية أو أفكار يمكن تطبيقها، وتكون مقبولة فلسطينياً، فقد قدم كيري أفكاراً يريد أن يضمن من خلالها استمرار المفاوضات المقررة أن تنتهي في نيسان المقبل، حتى يسوق تلك الافكار كخطة سلام أميركية، فيما هو لا يريد التوقيع على أية أوراق في الوقت الحالي، هو فقط يريد طرح هذه الافكار من أجل استمرار المفاوضات وتمديد فترتها إلى ما بعد الأشهر التسعة التي جرى الاتفاق عليها. وكشفت مصادر إسرائيلية بأن خطة كيري المقترحة ل «اتفاق الإطار» تشمل تسع نقاط تتمثل في: أولاً: إطار الحل المطروح يستند بالأساس على وثيقة أولمرت عباس التي اتفقا عليها في 31 آب/أغسطس من العام 2008. ثانياً: أن تعمل إسرائيل على ضم 6.8 في المئة من أراضي الضفة الغربية، مقابل أن تسمح إسرائيل للفلسطينيين بالسيطرة على 5.5 في المئة من أراض بديلة. ثالثاً: ممر آمن وسريع بين غزة والضفة للتواصل الجغرافي، ويدور الإقتراح حول قطار سريع يربط بين مدينتي غزة والخليل، وأن الرئيس عباس يرفض ويطلب قطاراً سريعاً بين غزة ورام الله، في وقت تريد إسرائيل أن تأخذ 1 في المئة من الأراضي مقابل مكان سكة الحديد، فتصبح الأراضي التي ستأخذها السلطة 4.5 في المئة بدل 5.5 في المئة. رابعاً: يتم الإتفاق على تقسيم القدسالشرقية -وليس الحرم القدسي- وفق ما جاء في خطة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، أيام الرئيس الراحل ياسر عرفات (الجديد هنا تشكيل لجنة دولية تشارك فيها السعودية والأردن لإدارة المدينة). خامساً: حق العودة وفق خطة كلينتون، وتشمل إنشاء صندوق دولي لتوطين من يريد في استراليا والسماح لجزء قليل بلم الشمل داخل إسرائيل. سادساً: إخلاء إسرائيل لغور الأردن واستبدال الوجود العسكري الإسرائيلي بوجود أميركي. سابعاً: مواصلة العمل بنظام الجمارك وفق اتفاقية باريس في حال استخدام الفلسطينيين لميناء حيفا أو ميناء اسدود. ثامناً: تجميع المستوطنين اليهود في الضفة الغربية أي 80 في المئة منهم في تجمعات كبيرة، وليس إخلاء مثلما صار في غزة عام 2005. تاسعاً: إدراج جداول زمنية لكل البنود. وحتى بعد مرور عام، ستبقى قضايا المفاوضات من دون حل أو حلول حاسمة، في وقت سيكون الاستيطان قد ابتلع المزيد من الأراضي الفلسطينية المحسوبة على الدولة المفترضة. كما سيكون نتانياهو وائتلافه أكثر تمسكاً بمبادئ «الإجماع الصهيوني» التي يغلب عليها الموقف اليميني المتطرف لعتاة اليمين الصهيوني. فهل ستصمد حكومة نتانياهو حتى ذلك الوقت؟ أو حتى خلال الأشهر القريبة المقبلة؟ على هذا السؤال حاول المعلق السياسي لموقع «والا» الألكتروني، عمري نحامياس، الإجابة، وسكب الضوء على سيناريوات متعددة مرتبطة بتقدم جهود وزير الخارجية الأميركي نحو «اتفاق الإطار». ويقول: «يبدو أن كل جولة لكيري في المنطقة تزيد من التوتر داخل الائتلاف الحكومي. في الأسابيع القريبة سيطرح كيري اتفاق الإطار، وسيترتب على موقف نتانياهو تداعيات على مستقبل حكومته، فالتقدم في المفاوضات يعني انسحاب البيت اليهودي، والانكفاء يعني انسحاب «هتنوعا» (ليفني)، و «ييش عتيد». ويرى نحامياس أن نتانياهو وليفني يعملان جاهدين على تليين موقف نفتالي بينيت رئيس البيت اليهودي الذي يعترض على إجراء مفاوضات على أساس حدود 1967، وإقناعه بأن الحديث يدور لا عن «اتفاق إطار»، بل عن «إطار اتفاق». لكن في المقابل يتعزز التنسيق بين أعضاء في الليكود والبيت اليهودي من أجل وضع عراقيل أمام نتانياهو في حال انسحاب البيت اليهودي وانضمام حزب العمل للائتلاف، ما يعني أن المعركة ستكون داخل الليكود لأن للبيت اليهودي بديلاً، لكن لا يوجد بديل لليكود. مهما يكن من أمر المفاوضات، فيبدو إنها باتت في حاجة إلى بحث في إمكانية أن تستمر على ذات الوتيرة السابقة من المماطلة والتسويف الإسرائيلي، أو يجري تحويلها إلى مناسبة لتوافق حتى ولو من جانب واحد على فتح آفاق لتفاوض قد يستمر عاماً آخر من دون نتائج بالتأكيد، سوى أنها تفتح مساراً لخلافات بينية وداخلية لدى كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لا تنتهي هي الأخرى، فما يجري الحديث عنه يعيدنا إلى سنوات الصراع الأولى، مع فارق أن الإسرائيلي يتشبث اليوم بأكبر مساحة من الأرض، فيما الفلسطيني يواجه ضغوطاً هائلة حتى من جانب الأشقاء، للتنازل عن مزيد من الأرض، «إكراماً» لتسوية لن ترى النور في القريب أو حتى في المستقبل البعيد. * كاتب فلسطيني