بحث العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في عمان، خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الخاصة بالمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية. وقال بيان أصدره الديوان الملكي الأردني تلقت «الحياة» نسخة منه: «إن استقبال الملك نتانياهو جاء بعد لقاء جلالته أخيراً الرئيس محمود عباس، وقبله كيري». وأضاف: «أن هذه اللقاءات جاءت حرصاً على تحقيق تقدم ملموس يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني، ويحمي في الوقت نفسه المصالح الأردنية العليا عند مفاوضات الوضع النهائي، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تتم فيها بلورة الإطار التفاوضي بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية الولاياتالمتحدة». ولم يتطرق البيان كثيراً إلى تفاصيل اللقاء، وهو ما يؤشر إلى أهمية ما طرح من أفكار، وحساسية المناقشات التي حضرها عدد محدود من أركان الحكم الأردني. كما لم ينقل البيان أية تصريحات على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي، مكتفياً بالقول إن الأخير «أطلع جلالة الملك على مسار مفاوضات السلام والجهود الأميركية». وحضر اللقاء رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، ومدير مكتب الملك عماد فاخوري، ومدير جهاز الاستخبارات العامة فيصل الشوبكي، والوفد المرافق لرئيس الوزراء الإسرائيلي. وقالت مصادر رفيعة ل «الحياة» إن الملف الأكثر قلقاً للأردن «تمثل خلال اللقاء بملف الأمن والحدود، وإن الملك عبدالله يتواصل مباشرة مع عباس ونتانياهو لحماية المصالح الأردنية». وعقب عودته إلى إسرائيل، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مكتب نتانياهو قوله في بيان إن «رئيس الوزراء أكد (خلال اللقاء) أن إسرائيل تولي أهمية بالغة للترتيبات الأمنية، بما في ذلك مصالح الأردن في أي اتفاق مستقبلي سيأخذ بالاعتبار اتفاقية السلام الموقعة قبل عشرين عاماً». وتمسك نتانياهو بتأمين الحدود بين الأردن والضفة الغربية، والاعتراف بإسرائيل «كدولة للشعب اليهودي» للتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وأكد المفاوض الفلسطيني نبيل شعث امس خلال لقاء مع الصحافيين في رام الله: «حالياً، كيري يأتي ذهاباً وإيابا لنقاش مسألتين فقط لم تكونا أبداً على جدول أعمالنا: يهودية إسرائيل وغور الأردن». واعتبر أن «من وجهة النظر الإسرائيلية، فإن الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية يساوي إلغاء حق العودة أو أي حل لمشكلة اللاجئين بناء على القرار 194». وتساءل: «هل تعتقدون أن هناك أي مسؤول فلسطيني بكامل قواه العقلية يستطيع قبول ذلك؟ أم إن الهدف هو أن يجعل من المستحيل أن يقوم أي مسؤول فلسطيني باتفاق سلام مع إسرائيل». كما أكد رفض التسوية على غور الأردن التي تنص على إبقاء الوجود العسكري الإسرائيلي لفترة ما بين 10 إلى 20 عاماً قابلة للتمديد وفقاً لتقديرات إسرائيل. وقاد نائب وزير الدفاع الإسرائيلي داني دانون الذي يعد صقراً متطرفاً في حزب «ليكود» ، تظاهرة امس في غور الأردن، وقال: «المجتمعات اليهودية ستبقى إلى الأبد في غور الأردن» في إشارة إلى المستوطنات في المنطقة، منتقداً أيضاً المقترحات الأمنية الأميركية. إلى ذلك (رويترز)، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أمس أن نتانياهو زاد من مساحة الأراضي المحتلة التي يريد أن تحتفظ بها إسرائيل ضمن أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين، في خطوة قد تعقد جهوداً تدعمها الولاياتالمتحدة للتوصل إلى اتفاق إطار للسلام. وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن إسرائيل تطلب بذلك الاحتفاظ بنسبة 13 في المئة من أراضي الضفة. وأضافت أن نتانياهو لم يلتزم نماذج أولية سابقة لاتفاق سلام نصت على مبادلة أي أراض تحتفظ بها إسرائيل في الضفة بأراض بالمساحة نفسها داخل إسرائيل، بل عرض شراء بعض أراضي المستوطنات من الفلسطينيين، لكنهم رفضوا ذلك. وقالت إنها استقت معلوماتها من مصدر لم تسمه مطلع على تفاصيل المفاوضات. وذكر التقرير أن نتانياهو أخبر كيري أن إسرائيل تعتزم الاحتفاظ بمستوطنة «بيت ايل» بالإضافة إلى كتل «عتصيون» و «معاليه أدوميم» و «آرييل» الاستيطانية التي قالت منذ وقت طويل إنها لن تتنازل عنها. ويقع جيب «بيت ايل» شمال القدس بجوار مدينة رام الله حيث مقر الحكومة الفلسطينية وعباس. وقالت إذاعة الجيش إن نتانياهو أشار في محادثاته مع كيري إلى أن منطقة «بيت ايل» وردت في التوراة، وأنها ذكرت في سفر التكوين على أنها المكان الذي حلم فيه النبي يعقوب بسلم يؤدي إلى السماء. في هذه الأثناء، نقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية عن مصادر ديبلوماسية قولها أمس إن كيري ينتظر هذه الأيام إجابات واضحة من الرئيس محمود عباس ونتانياهو في شأن اقتراحاته للتوصل إلى اتفاق إطار، وتحديداً في قضيتين أساسيتين، الأولى تتعلق بالترتيبات الأمنية على حدود غور الأردن، والثانية يهودية الدولة الإسرائيلية. ووفقاً للمصادر الديبلوماسية، فإن إسرائيل لا تريد الموافقة على ورقة المبادئ الأميركية، ما زاد من حال التوتر والاحتقان بين واشنطن وتل أبيب أخيراً. وأشارت إلى أن طاقم كيري لم يحدد حتى الآن اجتماعاً مع نتانياهو نتيجة هذا التوتر، مشيرة إلى إمكان عقد لقاء إسرائيلي - أميركي في المؤتمر الاقتصادي في دافوس حيث من المتوقع أن يشارك كيري ونتانياهو. إلى ذلك، يعقد مؤتمر طارئ لليمين الإسرائيلي الأحد المقبل في مستوطنة «عوفرا» شمال شرقي مدينة رام الله تحت شعار «دولة واحدة بين البحر والنهر، هي دولة إسرائيل». وأفاد موقع القناة السابعة للتلفزيون الإسرائيلي أمس أن المؤتمر جرى الإعداد له على ضوء ما ينشر عن تقدم في المفاوضات، ويهدف إلى الخروج بموقف من اليمين الإسرائيلي ضد الجهود المبذولة للتوصل إلى سلام في المنطقة، تحت مبدأ رفضهم قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، تحت شعار «دولة واحدة بين البحر والنهر، هي إسرائيل».