اعتبر وزير الثقافة المصري فاروق حسني في تصريح أدلى به الأربعاء في مطار القاهرة فور عودته من باريس أن فشله في الفوز بمنصب المدير العام لليونسكو يؤكد أن هذه المنظمة أصبحت «مسيّسة»، في حين عبّرت وسائل الإعلام العبرية عن «شماتة» واضحة في المرشح العربي الذي خسر في الجولة الخامسة الحاسمة الثلثاء أمام البلغارية ايرينا بوكوفا.وقال حسني للصحافيين في القاهرة أمس إن «المنظمة سُيّست». وأضاف أن «السفير الاميركي كان يتصرف بقوة وبكل ما لديه من امكانات (لمنعي من الفوز بالمنصب)». وتابع أن «كل الصحف والضغوط الصهيونية كانت ضدي في شكل رهيب». وقال إن الرئيس حسني مبارك كان يتابع «لحظة بلحظة ما يحدث وتحدثنا أكثر من مرة وأدرك (مبارك) اللعبة الكبيرة التي لعبت». وأشار إلى أن أعضاء الحملة كانوا متفائلين حتى صباح أول من أمس «لكن المجموعة الأوروبية عقدت اجتماعين في اليوم نفسه (الثلثاء) وانطبخ الموضوع في نيويورك لأن كل الرؤساء ووزراء الخارجية كانوا هناك» لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولم يفت حسني أن ينوه ببوكوفا. وقال «لا شك في أنها سّيدة محترمة وأتمنى لها التوفيق». وقال رئيس اتحاد الكتاب المصريين محمد سلماوي ل «الحياة» إن «الغرب اثبت بنهجه في انتخابات اليونيسكو أنه غير معني إطلاقًا وغير حريص على حوار الحضارات ... في أول محاولة لوصول شخصية من الجنوب إلى رئاسة المنظمة الثقافية الأولى في العالم تكتل الغرب ضده». وأضاف: «الغرب يتهمنا بالتعصب بينما هو في أول اختبار سقط وتكتل ضد مرشح الجنوب». واعتبر الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة السفير محمد صبيح أن خسارة فاروق حسني تؤكد «وجود مؤامرة صهيونية تستهدف إقصاء كل ما هو مصري وعربي عن هذا المنصب الرفيع للتستر على جرائم إسرائيل في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة كافة وخصوصاً مدينة القدسالمحتلة». وفي المقابل (ا ف ب) عبّر ممثلو منظمات يهودية ومثقفون عملوا ضد ترشيح حسني ب «انتصار العقل» بعد اختيار البلغارية بوكوفا. وقال «مركز سيمون فيزنتال» المنظمة اليهودية التي تنشط ضد معاداة السامية إن فوز المرشحة البلغارية هو «انتصار للعقل في جو من الانفتاح ضد جو الخوف»، على حد قول مدير المركز شمعون صموئيل. من جهته، قال الكاتب ايلي فيزل حائز نوبل للسلام لاذاعة «فرانس انتر» إن اليونيسكو «نجت من فضيحة ومن كارثة اخلاقية». اما الفيلسوف برنار هنري ليفي، فرأى في تصريح إلى إذاعة «ار تي ال» انه «انتصرت سياسة الاخلاق على السياسة الواقعية». وكان فيزل وهنري ليفي اتهما حسني وزير الثقافة في مصر منذ اكثر من عشرين عاماً في بلده، بإطلاق تصريحات معادية للسامية ولاسرائيل باستمرار وبتمثيل نظام يمارس الرقابة. وفي القدس، لم تخف الأوساط الإسرائيلية ارتياحها لفشل حسني في تولي منصب مدير اليونيسكو، ولم تخلُ عناوين الصحف العبرية من الشماتة. وكتبت «يديعوت أحرونوت» في عنوانها: المصري المناوئ لإسرائيل خسر في الانتخابات». وجاء في عنوان الصحيفة اليمينية «إسرائيل اليوم»: «المعادي للسامية سيبقى في مصر». ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عن الحائز على جائزة نوبل للسلام الروائي اليهودي الأميركي ايلي فيزل قوله إن «المخاوف من انتخاب فاروق حسني أقضت مضجعي»، مضيفاً بتهكم أن القلق الإسرائيلي الآن هو من اتهام مصر لإسرائيل بالعمل من وراء الكواليس لعرقلة انتخاب حسني. وأفادت مراسلة الصحيفة للشؤون العربية سمدار بيري أن اعتذار حسني لإسرائيل عن تصريحات سابقة ضدها لم يشفع له وأنه على رغم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو وعد الرئيس المصري حسني مبارك بألا تشوش إسرائيل على انتخاب حسني «إلا أن الصورة وراء الكواليس كانت مغايرة إذ جنّد موظفون إسرائيليون شخصيات يهودية عالمية ... وإلى جانبهم رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى في الولاياتالمتحدة واوروبا للتحرك ضد انتخاب حسني».