أعلنت إيران أن اتفاق جنيف الذي أبرمته مع الدول الست المعنية بملفها النووي ويبدأ تطبيقه في 20 الشهر الجاري، لن يوقف «التطوير النوعي» لبرنامجها الذري، معتبرة أنه سيحدث «فجوات ضخمة» في هيكلية العقوبات المفروضة عليها. ورحب الرئيس الأميركي باراك أوباما بإعلان موعد بدء تنفيذ الاتفاق، قائلاً: «سنحقق تقدماً في هدفنا لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي». واستدرك: «لا أوهام لدي في شأن مدى صعوبة تحقيق هذا الهدف، ولكن من أجل أمننا القومي والسلام والأمن في العالم، الآن هو الوقت المناسب لمنح الديبلوماسية فرصة للنجاح». وأشار إلى أن طهران ستبدأ في 20 الشهر الجاري «للمرة الأولى بالتخلص من مخزونها من اليورانيوم المخصب وتفكيك قسم من البنى التحتية التي تتيح هذا التخصيب». وتابع: «سنركّز على العمل الجوهري الرامي إلى التوصل إلى تسوية شاملة يأخذ في الاعتبار مخاوفنا المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني». وكرر دعوته النواب الأميركيين إلى الامتناع عن تشديد العقوبات على طهران، قائلاً: «فرض عقوبات إضافية الآن قد يعرقل جهودنا لتسوية الملف سلماً، وسأستخدم حق النقض ضد أي مشروع قانون يفرض عقوبات جديدة خلال التفاوض». وأشادت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون ببدء «تطبيق متجانس وثابت وتدريجي» للاتفاق، مضيفة: «سنطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية اتخاذ تدابير لمتابعة الاتفاق والتحقق منه». وينص اتفاق جنيف على أن يقتصر تخصيب اليورانيوم في إيران على نسبة 5 في المئة، وأن تحوّل إلى تلك النسبة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، إضافة إلى تجميد نشاطاتها في منشأتَي ناتانز وفردو للتخصيب، وفي مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل. وأوكِل إلى الوكالة الذرية مهمة الإشراف على تطبيق الاتفاق، ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين أميركيين بارزين قولهم إن مفتشي الوكالة سيتمكنون يومياً من دخول المنشآت النووية الإيرانية، كما سيعدّون تقارير شهرية. في المقابل، تلتزم الدول الست تخفيف عقوبات على إيران، بما في ذلك تصدير الذهب واستيراده، وتصدير بتروكيماويات، والحصول على قطع غيار لقطاعَي السيارات والطائرات، وإمكان شراء مواد إنسانية وطبية. وسيُرفع تدريجاً تجميد 4.2 بليون دولار من أصول إيرانية لعائدات من بيع نفط، علماً أن مسؤولين أميركيين يرفعون هذا الرقم إلى 7 بلايين. وقال مسؤول أميركي بارز: «لن تحصل إيران على الدفعة الأخيرة من مبلغ 4.2 بليون دولار، قبل آخر يوم من فترة الأشهر الستة» للاتفاق. وأشار إلى أن المبلغ سيُوزّع «وفق جدول محدد على فترات زمنية منتظمة، على مدى الأشهر الستة». وذكر أن الدفعة الأولى (550 مليون دولار) ستتم في 3 شباط (فبراير) المقبل. عراقجي ويُفترض أن تتفاوض إيران والدول الست خلال تطبيق اتفاق جنيف، لإبرام اتفاق شامل يسوّي ملف طهران النووي. وفي هذا الإطار، قال عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، إن محادثات الاتفاق الشامل ستبدأ «في غضون أسبوعين أو ثلاثة» بعد 20 الشهر الجاري، مشيراً إلى «احتمال تمديد فترة المرحلة الأولى ستة أشهر أخرى لمرة واحدة، في حال لم يُبرم اتفاق نهائي خلال الأشهر الستة الأولى». وتابع: «بغية عدم إطالة المفاوضات النهائية، أكدنا صراحة أن المفاوضات يجب أن تنتهي خلال سنة، ولكن ممكن أن يكون التنفيذ خلال سنوات». وزاد: «إننا متشائمون تجاه الطرف الآخر، ولذلك صممنا كل التدابير التي يفترض تنفيذها، بحيث تكون ضمانتها التنفيذية بأيدينا، وحين نشعر أن الطرف الآخر لم يفِ بالتزاماته، سنوقف تنفيذ الاتفاق فوراً». ولفت عراقجي إلى أن تطوير البرنامج النووي الإيراني «سيتوقف كمياً» خلال تطبيق الاتفاق، مستدركاً أن «التطوير النوعي المتعلق بالبحوث والتنمية سيستمر، ولا نرى قيوداً في هذا الصدد». وأضاف: «هيكلية البرنامج النووي ستبقى كما كانت. ويمكننا حين نريد العودة إلى الوضع القائم، خلال أقل من 24 ساعة، ولكن الطرف الآخر لم يتمكن من الحفاظ على هيكلية العقوبات كما أراد، وحدثت فجوات ضخمة في هيكليتها، لذلك فإن العودة إلى الوضع الراهن لن يكون سهلاً بالنسبة إليهم، فيما سيكون سهلاً بالنسبة إلينا». الإمارات إلى ذلك، حض حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس الوزراء، المجتمع الدولي على رفع العقوبات على إيران. وقال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «إيران جارتنا ولا نريد أي مشكلات. ارفعوا العقوبات وسينتفع الجميع. عانينا من العقوبات». واعتبر أن طهران صادقة في تأكيدها الطابع السلمي لبرنامجها النووي، وزاد: «تحدثت إلى (الرئيس الإيراني السابق محمود) أحمدي نجاد، وقال لي: إذا أطلقتُ صاروخاً (نووياً) على إسرائيل، كم سأقتل من الفلسطينيين؟ وحينئذ ستدمِّر الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي مدن بلادي. لست مجنوناً كي أذهب إلى هذا الحد. إنه سلاح من الماضي».