انتقد خبراء اقتصاد خطة الاستثمار التي عرضها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، إذ اعتبروا أن «نهجها والمبالغ المرصودة لن تكون مفيدة لتنشيط النمو في أوروبا»، على رغم تأكيدهم أن «توقيتها ونياتها جيدة». وأعلن خبير الاقتصاد في «المرصد الفرنسي للأوضاع الاقتصادية» ريك هاير، أن «الوقت مناسب للقيام بذلك، إذ نمرّ في مرحلة من تدهور الأوضاع وتفشي البطالة وانهيار الطلب، والأثر الحافز للنشاط يمكن أن يكون قوياً جداً لكن المبلغ ضعيف جداً». وكشف يونكر أول من أمس عن الخطة التي ستشكل ركيزة ولايته، وتقضي بتعبئة 315 بليون يورو من الاستثمارات لتحريك النمو و «إعادة أوروبا إلى العمل». ويخفي هذا الرقم الذي لوّح به يونكر للإشادة بمنافع خطته، آلية معقدة تستند إلى جزء من الموازنة الأوروبية وإلى «بنك الاستثمار الأوروبي» الذراع المالية للاتحاد الأوروبي، ولكن من دون مساهمات مباشرة من الدول الأعضاء ولو أن الباب بقي مفتوحاً أمام البلدان الراغبة في ذلك. وستمر الاستثمارات عبر «صندوق أوروبي للاستثمار الاستراتيجي» مزوّد بضمانات بقيمة 21 بليون يورو، ويضطلع بدور «مخفّف للأخطار»، ما سيسمح باستقطاب موارد خاصة. ويراهن يونكر على أن يكون لهذا المبلغ الأساس تأثير مضاعف 15 مرة، ما سيسمح بتعبئة 315 بليون يورو. وقدّر الباحث في معهد «بروغل» في بروكسل غريغوري كليس، «حاجات الاستثمار في الاتحاد الأوروبي ب 250 بليون يورو سنوياً». لذا رأى أن مع مبلغ 315 بليون يورو على مدى سنوات «لم نبلغ المستوى المطلوب». وأعلن رئيس قسم الاقتصاد في شركة «يولر هرميس» للتأمين لودوفيك سوبران، عدم اقتناعه بالآلية المالية، منتقداً تحديداً «كيفية مضاعفة المبالغ من 21 بليوناً إلى 315 بليوناً». وشكّك الخبير الاقتصادي لدى «ساكسو بنك» كريستوفر دمبيك، في نهج المفوضية الجديدة، قائلاً «توجد على الأقل إرادة سياسية وإقرار بضرورة الاستثمار، لكن لا تتوافر استراتيجية شاملة على المدى البعيد». وستترك المفوضية الأوروبية الخيار الأخير في ما يختص بالاستثمارات إلى لجنة خبراء وترفض «توزيع» الأموال وفق الدول، ولو أن البلدان ستكلف تقديم قائمة مشاريع. ولفت دمبيك إلى أن «قسماً من الأموال سيخصص لمشاريع سبق وأُطلقت، وستستخدمها الدول لتمويل استثمارات من دون زيادة إنفاقها العام». لذا استبعد «أي آثار حافزة»، خصوصاً أن الجهات المالية الخاصة المفترض أن تتهافت على المشاريع التي تحمل بصمة «خطة يونكر» هي «شديدة التشكيك» في الخطة. وقال سوبران «إننا في منطق حماية للاستثمارات أكثر مما نحن في منطق تشجيع لها». وأوضح أن «جوهر الخطة هو استخدام الأموال العامة للتخفيف من الخسائر المحتملة في بعض المشاريع، وفي نهاية المطاف خفض كلفة التمويل للاستثمارات الخاصة». ولم يغفل «وجود خطر وهو أن يستفيد المستثمرون الحاليون من الخطة»، بدلاً من أن تستقطب مستثمرين جدداً لتحقيق مشاريع أكثر جرأة. إلى ذلك حذّر رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، من احتمال أن «يدمّر» عدم إجراء إصلاحات اقتصادية والعمل على حماية الأعضاء الضعفاء «التماسك الضروري» لمنطقة اليورو. وحضّ في لغة أكثر صراحة من المعتاد دول منطقة اليورو ال 18، على «النظر في سبل بديلة لدعم الأعضاء الذين يمرون في أزمات». ونبّه من أخطار تنامي القلق من خروج تلك الدول من منطقة العملة الموحدة. وأكد في كلمة ألقاها في جامعة هلسنكي، أن «غياب الإصلاحات الهيكلية ربما يؤدي إلى تفاوت اقتصادي دائم بين الأعضاء، وبما أن ذلك يهدد التماسك الضروري للاتحاد فقد تكون له تداعيات مدمرة على جميع الأعضاء». ويعكس استمرار تراجع حركة إقراض الأسر والشركات في منطقة اليورو في تشرين الأول (أكتوبر) الوضع الاقتصادي، لتتواصل الضغوط على البنك المركزي الأوروبي، لاتخاذ مزيد من الحوافز بهدف دعم اقتصاد المنطقة الواهن. وأظهرت بيانات البنك المركزي الأوروبي، أن قروض القطاع الخاص تراجعت 1.1 في المئة خلال الشهر الماضي، مقارنة بالشهر ذاته العام الماضي بعد تراجعها بنسبة 1.2 في المئة في أيلول (سبتمبر).