كشف خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن حقائق التاريخ تبريء العرب من تهمة حرق مكتبة الإسكندرية، مؤكداً أن مؤرخي العرب الذين ذكروا أن عمرو بن العاص حرق مكتبة الإسكندرية بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه لم يعاصروا فترة دخول العرب المسلمين لمصر عام 642م ونقلوا عن بعضهم البعض من دون وجود أصل تاريخي محقق لكل ما نقلوه، ما ينفى رواياتهم تماماً. وقال ريحان - فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - إن «من هؤلاء المؤرخين ابن العبري الذي ولد 1226م وتوفى 1286م، والمؤرخ عبد اللطيف البغدادي الذي ولد 1162م وتوفى 1231م، والمؤرخ علي بن يوسف القفطي الذي ولد 1172م وتوفى 1248م»، مؤكداً أنه لا يوجد أي مؤرخ منهم عاصر دخول العرب لمصر. وأضاف أن «المؤرخ الفريد بتلر ذكر أن يوحنا الذي ينسب إليه ابن العبري قصة حرق عمرو بن العاص للمكتبة مات قبل فتح العرب لمصر بأربعين عاماً، ما يؤكد أن الأصول التي اعتمد عليها هؤلاء المؤرخين في نقل أخبار الحادثة لا أصل لها وبالتالي فإنهم مؤرخون لم يشاهدوا الحدث بأعينهم ولا يوجد مصدر حقيقي اعتمدوا عليه فى النقل، ونقلوا عن بعضهم بمبدأ الحديث المتواتر من دون سند تاريخي أو أثرى أو علمي». وأشار ريحان إلى أن تاريخ الفتوحات الإسلامية ينفى تماماً إحراق المسلمين لأية مكتبة تحوى تراث لغير المسلمين، ففتحوا القدس فى عهد عمر بن الخطاب عام 637م وتركوا مكتبة بيت المقدس الكبرى، وفتحوا دمشق عام 635م وتركوا مكتبتها الكبرى، وأثناء غزوة يهود خيبر لنقضهم عقد الصحيفة عام 628م وانتصار المسلمين كانت صحائف التوراة وكتب اليهود من الغنائم فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتسليمها إلى يهود خيبر. وأوضح أن هناك واقعة شهيرة حين دخول مصر، إذ بعث عمرو بن العاص للخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول له إنه «رأى بمصر أصناماً فقال له الخليفة أيعبدونها من دون الله؟ قال لا فقال الخليفة دعهم وشأنهم»، ما يؤكد حرص العرب الفاتحين على حفظ التراث والآثار والكتب والوثائق». وتابع أن العديد من المؤرخين أكدوا حرق يوليوس قيصر لمكتبة الإسكندرية عام 48م ومنهم ألفريد بتلر الذي أكد عدم وجود مكتبة الإسكندرية أثناء فتح العرب لمصر لإحراقها بواسطة يوليوس قيصر إمبراطور الرومان أثناء النزاع على حكم مصر بين كليوباترا وأخيها بطليموس الصغير الذي حاصر يوليوس قيصر فى القصر الملكي بالإسكندرية وطلب يوليوس قيصر النجدة بقوات من ولايات أخرى تابعة للإمبراطورية الرومانية وأمر بحرق السفن الموجودة على شاطئ البحر المتوسط أمام مكتبة الإسكندرية حتى لا تستفيد منها القوات المحاصرة له وامتدت النيران لمكتبة الإسكندرية فأحرقتها بالكامل. ونوه ريحان لكتابات المؤرخين التي تؤكد حرق يوليوس قيصر لمكتبة الإسكندرية ومنهم بلوتارخ الذي ذكر فى كتاب «حياة قيصر» الذي كتبه فى نهاية القرن الأول الميلادي أن مكتبة الإسكندرية احترقت بفعل الحريق الذي بدأه يوليوس قيصر لتدمير الأسطول المصري المرابط بميناء الإسكندرية، كما أشار المؤرخ الروماني أولوس غليوس فى القرن الثاني الميلادي إلى أن مكتبة الإسكندرية احترقت بطريق الخطأ عندما أشعل بعض الجنود الرومان التابعين ليوليوس قيصر بعض النيران، وفى القرن الرابع الميلادي اتفق المؤرخ أميانوس مرسلينوس والمؤرخ المسيحي أوروسيوس على أن مكتبة الإسكندرية أحرقت بسبب الحريق الذى بدأه يوليوس قيصر.