حمدالله يغيب عن مواجهة الشباب والأخدود غدًا    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    العوهلي: ارتفاع نسبة توطين الإنفاق العسكري بالمملكة إلى 19.35% مقابل 4% في 2018    بوتين: قصفنا أوكرانيا بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى فرط صوتي    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    سالم الدوسري يشارك في جزء من مران الهلال ويقترب من الجاهزية    حديقة السويدي تحتفي بالثقافة البنغلاديشية ضمن "انسجام عالمي"    إحباط تهريب (26) كجم "حشيش" و(29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    مدرب تشيلسي متحمس لمواجهة فريقه السابق ليستر في الدوري    الشاعرة مها العتيبي تشعل دفء الشعر في أدبي جازان    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    واشنطن ترفض «بشكل قاطع» مذكرتي التوقيف بحق نتانياهو وغالانت    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    خبير مصري ل«عكاظ»: تعنت نتنياهو وراء فشل مفاوضات غزة    رئيس البرلمان العربي يدين الفيتو الأمريكي ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة ويحذر من عواقبه    توال و 5SKYE تعلنان عن شراكة استراتيجية لتعزيز التحول الرقمي في السعودية    جائزة الأمير عبدالعزيز بن عياف لأنسنة المدن تحتفي ب 15 فائزًا بدورتها الثانية    "مطار الملك فهد الدولي" يحقق المركز الأول في نسبة الالتزام بمعايير الأداء التشغيلي    "تزايد" تختتم مشاركتها في سيتي سكيب 2024 بتوقيع اتفاقيات وإطلاق مشاريع ب 2 مليار ريال    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    تفاؤل أمريكي بوقف إطلاق النار في لبنان.. خلافات بين إسرائيل وحزب الله على آلية الرقابة    اكتمال وصول الدفعة الأولى من ضيوف خادم الحرمين للعمرة والزيارة    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    أمين منطقة القصيم يتسلم التقرير الختامي لمزاد الابل من رئيس مركز مدرج    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    "تعليم البكيرية" يحتفي باليوم الدولي للتسامح بحزمة من الفعاليات والبرامج    يفتتح السفير الهندي رسميًا الجناح الهندي في معرض ربط الشركات التجارية العالمية بالمملكة العربية السعودية 2024 الذي ييتم تنظيمه بالتزامن مع معرض4P الخليج ومعرض الآلات والأدوات.    القبض على مواطن لنقله 9 مخالفين لنظام أمن الحدود بجازان    أكاديمية طويق شريك تدريبي معتمد ل "Google Cloud"    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    9 مهددون بالغياب أمام «الصين»    وزراء داخلية الخليج يبحثون التعاون الأمني المشترك    جينات فينيسيوس    وزير العدل: القضاء السعودي يطبق النصوص النظامية على الوقائع المعروضة    «المسيار» والوجبات السريعة    الصقور السعودية    نفاذ تذاكر مباراة الخليج والهلال في الجولة 11 من دوري روشن    اكتشف شغفك    علاج فتق يحتوي 40 % من أحشاء سيدة    الغندور سفيرا للسعادة في الخليج    «قرم النفود» في تحدٍ جديد على قناة «الواقع»    الإعراض عن الميسور    «بوابة الريح» صراع الشّك على مسرح التقنية    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    مهرجان البحر الأحمر يعرض روائع سينمائية خالدة    نواف إلى القفص الذهبي    في مؤجلات الجولة الثامنة من" يلو".. قطبا حائل يواجهان الحزم والصفا    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمن وسلامة الكتب والمكتبات 1-2
إعداد: لواء دكتور مساعد بن منشط اللحياني
نشر في الجزيرة يوم 26 - 07 - 2012

يعد الكتاب من وسائل التواصل الثقافي بين الأمم، يحكي تراثها وحضاراتها ويوثق موروثها، كما أنه جامعة متنقلة سهلة الحمل والاطلاع والحصول على المعلومة، فهو صديق ومدرسة ومعلم، لذا فإنه يعد الوسيلة الأولى والأهم من وسائل ربط الإنسان بالمعرفة والثقافة، ولقد مرّ الكتاب بمراحل عدة حتى وصل إلى صورته وشكله الحالي، ولعل المكتبة هي المكان الذي يأوي إليه الكتاب وتحفظه من التلف وتسهِّل الحصول عليه وتقدمه للمستفيدين، فلولا الكلمة ما كان هناك كتاب، ولولا الكتاب ما كانت هناك مكتبة، وبالتالي ما كان هناك تراث للبشرية.
والكتاب والمكتبة كل منهما معرّض لكثير من الأخطار التي تهدد بقاؤهما، حيث إنهما تعرضا خلال الحضارات الإنسانية المتتالية لحرائق وسرقات وإتلاف وعبث واختراقات وسطو، ولن تتمكن البشرية من الحفاظ على هذه المقدرات الثقافية ما لم يتعاون ويتكاتف الجميع في حمايتها من تلك الأخطار.
لذا فإننا سوف نتحدث عن أسباب تعرض الكتب والمكتبات لتلك الأخطار وما هي وسائل وأساليب الأمن والسلامة المطلوب توفرها لحماية المكتبات من تلك الأخطار سواء على مستوى الحكومة أو على مستوى الأفراد.
أولاً: المخاطر التي تهدد أمن وسلامة الكتب والمكتبات:
أ- أسباب تلك المخاطر:
1- القلاقل السياسية: والتي ينتج عنها التدمير والحرق والسرقات وتوقف الطبع والنشر.
2- النزاعات العسكرية: مثل الحروب.
3- التدهور الاقتصادي: مثل عدم الاهتمام بالمكتبات وتطويرها وتوفير مستلزماتها، توقف الطبع....
4- التعصب العقائدي والديني مثل: المنع، والتحريف، والتأويل.
لذا فإنه من الملاحظ أن إنشاء المكتبات الكبرى في العالم، تم في عصور الازدهار الحضاري، والاستقرار السياسي، والتنوير الفكري. (حسب الله وغندور، 1996م، ص11 بتصرف).
ب- أنواع المخاطر التي تهدد أمن وسلامة الكتب والمكتبات:
1- الحرائق.
2- السيول.
3- السرقات (سرقة كتاب أو فكرة أو منتج ثقافي أو أدبي...).
4- العبث (الهكرز).
5- الحروب.
6- الزلازل (تسونامي).
وسوف نعرض لما تسببه تلك المخاطر من أضرار على الكتب والمكتبات على مر العصور:
1- مكتبة ميليت اليونانية أول مكتبة دُمرّت على يد الغزاة من الفرس، بعد دخولهم إلى مدينة ميليت عام 494 ق.م.
2- مكتبة الإسكندرية: أشهر المكتبات التاريخية على الإطلاق، ليست في الحضارة اليونانية بل في التاريخ الحضاري بأكمله، دُمْرت على عدة مراحل أولها عام 48 ق.م على يد جنود يوليوس قيصر في رواية حرق الأسطول الشهيرة، وقيل إن عدد الكتب التي أتت عليها النيران قرابة (400.000) لفافة، كما أن الإمبراطور أورليان أحرق الحي الملكي وهو الحي الذي توجد فيه المكتبة الأم، فدمرت تدميراً جزئياً عام 272م، ثم تدميراً كلياً عام 389م، عندما أمر كبير أساقفة الإسكندرية تيوقيليوس بإحراقها عن بكرة أبيها لكونها في نظره معقلاً للآراء الهدامة، كما أُبيدت المكتبة الابنة إبادة تامة عندما دمر المسيحيون الأوائل أيضاً معبد سيرابيس في عهد الأسقف السابق الذكر، ولقد ذكر أحد المؤرخين أنه في عام 416م، لم يكن لهاتين المكتبتين أي وجود البتة، مما يدل على أنه ليس للفتح العربي الإسلامي لمصر أية علاقة بإحراقها كما يشاع، لأنهما لم تكونا موجودتين أصلاً عندما فتح المسلمون مصر بقيادة عمرو بن العاص عام 642م.
3- مكتبة نينوى: أعظم مكتبة عرفها العالم القديم وإن كان بعض المؤرخين يرى أن مكتبة الإسكندرية كانت أفضل منها بكثير، دمرت هذه المكتبة عندما غزا الميديون والكلدانيون مدينة نينوى خلال نهاية القرن السابع مطلع القرن السادس ق.م، وأشعلوا فيها النار.
4- وعندما حلَّت العصور الوسطى، كانت المكتبات القديمة اليونانية والرومانية قد أدركها العطب، ولم يبق منها -بسبب الحروب والحرق والنهب- إلا القليل من المؤلفات القديمة التي كان للكنيسة المسيحية الفضل في حفظ بعضها، إذ مما يؤسف له، «أن القسس كانوا، إذا احتاجوا لشيء من الورق لكتابة دعواتهم ومواعظهم، يعمدون إلى أوراق تلك الكتب، فيمحون ما عليها من الكتابات، ويكتبون ما هم بحاجة إليه، فضاعت على هذه الصورة أثمن الكتب القديمة أو نقصت صفحاتها نقصاً مخلاً بها، ولكن مع كل هذا فما بقي من آثار الأقدمين، لم يوجد إلا في الكنائس المسيحية». (الصوفي، 1987م، ص166).
5- اهتم المسلمون بالمكتبات اهتماماً كبيراً، فقام الخلفاء والأمراء بإنشاء المكتبات العامة والخاصة وجمعوا لها عدداً كبيراً من الكتب والمؤلفات بشتى اللغات.
ومما يؤسف له أن شطراً كبيراً من هذه المؤلفات التي ازدانت بها المكتبات العربية ضاع بسبب ما تعرضت له الدولة العربية الإسلامية من حروب وفتن وغزوات، وكان ما أصاب الثقافة العربية مروِّعاً عندما اقتحم هولاكو بجيوشه بغداد عام (656ه= 1258م)، فقد ألقيت مئات الألوف من المخطوطات في نهر دجلة، كما أثبت ابن بطوطة أن التتار قتلوا في العراق أربعة وعشرين ألفاً من العلماء.
ولم يكن نصيب الكتب العربية من الدمار خلال زحف تيمورلنك بأقل منه على يد هولاكو. وفي الغرب الإسلامي تعرض التراث العربي للمحنة نفسها، فحين سقطت غرناطة بيد الإسبان المهاجمين عام (1492م)، وانتهت دولة المسلمين في الأندلس، أمر الكاردينال فرانسيسكو خمينيس دي سيزنيروس (ت. 1517م)، عرّاف الملكة إيزابيل فاتحة غرناطة، وصاحب النفوذ السياسي الهائل الذي يستمده من الدين، بإحراق الكتب العربية في ساحة باب الرملة في غرناطة، لاسيما ما كان منها متصلاً بالأدب أو الفكر أو الدين، وبخاصة المصاحف المخطوطة، وبأن تباد كل الكتب العربية نهائياً من إسبانيا. ويفوق عدد المخطوطات التي أحرقت في غرناطة وحدها كل تصور، وأكثر الباحثين حذراً أو عطفاً على الكاردينال يُقدرها بثمانين ألفاً». (الصوفي، 1987م، ص184-185 بتصرف)
ولا ننسى قيام بعض المتزمتين من المسلمين الذين كانوا يعتبرون مضامين بعض الكتب غير مقبولة مثل كتب الفلاسفة، فقاموا إما بإحراقها، وإما بإتلافها.
6- مكتبة الكونجرس: قام الجنود البريطانيون بإحراقها خلال حرب الاستقلال الأمريكية عام 1814م، حينما أضرموا النار في الكابيتول وحرق 3000 آلاف كتاب كانت تحتويها المكتبة الفنية.
7- أثناء الحرب العالمية الثانية وفي عام 1940م أحرقت مدفعية هتلر مكتبات لندن حيث بلغ ما احترق من الكتب أكثر من 20 مليون كتاب.
8- إن الخراب الذي سببته الحروب الحديثة على مستوى إتلاف الكتب يعود بالدرجة الأولى إلى استخدام القنابل الحارقة التي يمكن لآثارها أن تصل إلى الأقبية الأكثر عمقاً كي تتلف محتوياتها القابلة للاشتعال، وهكذا أحرقت القنابل الإنجليزية - الأمريكية خلال يومين فقط (13-15 فبراير 1945م) وسط مدينة (درسدن) الألمانية كله، وبكل ما فيه وقتلت 35 ألفاً من البشر، ولا أحد يعرف كم من آلاف الكتب جرى تدميرها.
9- المكتبة الوطنية بالجزائر: والتي تم إحراقها عام 1962م من قِبْل المنظمة الخاصة الفرنسية (O.I.S) والتي لم تتقبل قرار وقف إطلاق النار، فلجأت إلى الأعمال التخريبية والتي من بينها حرق المكتبة الوطنية.
10- حريق القرن (المجمع العلمي المصري): لم يكن المجمع العلمي المصري معلماً تاريخياً فحسب، بل أهم من ذلك، كان خزانة ثرية بآلاف الكتب والمخطوطات والوثائق العلمية، التي يندر أن تجدها مجتمعه في مكان واحد، وبحسب شهود عيان، وما تناقلته وسائل الإعلام المرئية، من بث مباشر للحدث، فإن ثمة مجموعة من المُخرِّبين، اندسوا بين متظاهري الثورة المصرية، مستغلين حالة الفراغ الأمني، وقاموا بدوافع مازال التحقيق جارياً للكشف عن غموضها بإلقاء زجاجات المولوتوف على المجمع، خلال الساعات الأولى من بزوغ فجر يوم السبت 17 ديسمبر 2012م، وقد أظهرت الصور سيارات المطافئ، وهي تحاول جاهدة إخماد الحريق، إلا أن المُخرِّبين تعمدوا تعطيل عمل فرق المطافئ، بل تعدوا على بعض أفرادهم بالضرب. (أحوال المعرفة، 1433ه، ص 63-67 بتصرف).
11- تعرَُّض الكتب والمكتبات لمخاطر حدوث الزلازل وما ينتج عنها من حرائق وتدمير وخراب، خاصة الدول التي تقع في حزام زلزالي نشط مثل اليابان وتركيا وإيران والجزائر والمغرب.
12- موجات المد البحري (تسونامي) وما شاهدناه في اليابان وإندونيسيا وسيرلانكا وتايلاند من تعرض المباني والبنى التحتية للدمار ومنها بكل تأكيد دور الكتب والمكتبات.
13- السيول والفيضانات ودخولها للمباني العامة والخاصة ودور الكتب والمكتبات وتدمير محتوياتها خاصة إذا كانت هذه الكتب والمكتبات غير مجهزة لمواجهة مثل هذه الأخطار، ولعل حدوث السيول التي اجتاحت مدينتي مكة وجدة على مر العصور إسهام كبير في إتلاف العديد من دور الكتب والمكتبات. ويعرف الكثير من كبار السن بمكة، وجود عدد من المكتبات ودور الكتب الخاصة بالقرب من الحرم المكي الشريف، وتحديداً على وادي إبراهيم -الذي يقع عليه شارع المدعى، والجودريه، والغزه، والمروة - حيث إنه طريق للسيول التي تأتي من شمال وشرق مكة وتتجه إلى جنوبها والتي ربما دخلت إلى تلك المكتبات وأتلفتها وسحبتها إلى أماكن بعيدة.
محاضرة ألقيت في خميسية الجاسر في تاريخ 26-6-1433ه
* متخصص في شئون الأمن والسلامة والمتطوعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.