إذا كانت السيول لا تعرف حرمة المقابر فتقتحمها بكل قوة، فإن أسباب نبش القبور وانبعاث الروائح منها كما حدث في مقبرة النسيم بمدينة الرياض أخيراً لا يمكن أن يعزا إلى كميات المياه تلك، بحسب مواطنين من أقارب الموتى المدفونين في مقبرة النسيم، إذ تساءلوا: هل من الممكن أن يتعرض موتانا للإيذاء بعد أن دفنوا في قبورهم؟ فبعد أن طاولت أزمة السيول الأخيرة القبور داخل الأسوار، فما كان من الناس الذين دفنوا أقاربهم في مقبرة النسيم إلا أن تسلقوا أسوارها، ليعيدوا دفن موتاهم الذين نبشت السيول قبورهم. وحفظاً لكرامة الموتى اجتمع عدد ممن لديهم أقارب في هذه المقبرة وبدأ الجميع بتشكيل تجمع خيري من دون مساعدة عمال المقبرة أو أي جهود من «أمانة الرياض»، بل بتضافر جهود من فاعلي الخير بحسب المواطن عبدالله بن محمد، لافتاً إلى أنه اشتم رائحة انبعثت من بعض القبور. وأشار المواطن عبدالله العتيبي إلى أن هذه المشكلة التي أحدثتها السيول تتجدد كلما هطلت الأمطار، بسبب مكعبات «اللبن» المستخدمة في ردم القبور بعد إنزال الميت، لافتاً إلى أن هذا اللبن مغشوش، كما أنه رأى أجزاء من عظام الموتى خارج القبور. وشكا العتيبي من عدم وجود العمالة الكافية التي تهتم بالمقبرة، خصوصاً أنها تتقاضى المال حتى تردم فجوات القبور من أهالي الموتى، منتقداً تخطيط الأمانة في المقابر، إذ لا وجود لمجاري المياه عندما تسيل حول القبور، كما أن أرض المقبرة غير متساوية، إذ إن هناك انخفاضاً في جزء منها وارتفاعاً في جانب آخر. فيما ناشد المواطن عويد العنزي «أمانة الرياض» المسارعة في إيجاد الحل الجذري لهذه المشكلة التي بدأت تؤرقه لوجود قبر أحد أقاربه من الدرجة الأولى، وأشار إلى أن كرامة الميت يجب أن تحفظ. من جهته، أكد أحد عمال مقبرة النسيم التابعين ل«أمانة العاصمة» (فضل عدم ذكر اسمه) أنه تم سحب ما يعادل ثمانية صهاريج من المياه الراكدة في المقبرة من منطقة دفن الأطفال، مشيراً إلى أنهم من الساعة الخامسة فجراً وهم يعملون على قدم وساق لإقفال الفتحات التي تظهر كلما هطلت الأمطار. بدورها، حاولت «الحياة» الاتصال بوكيل «أمانة الرياض» إبراهيم الدجين إلا أنه لم يرد على الاتصالات المتكررة.