محمد طاري الشمري (14 عاماً) طفل يتيم الأب يصارع ألم المرض وحيداً، ويواجه خطر التسمم، ويحدق به الموت من كل حدب وصوب. لا حل لمعاناته سوى جرعات مكثفة من الأدوية ذات مفعول «وقتي» تنّهك قواه وتفقده حيويته. على مقربة من الطفل «العليل» تعيش والدته فيلا فرحان الشمري (50 عاماً) التي تعيش كل لحظات الخطر التي يمر بها ابنها، ولا تملك سوى الدعاء وسكب الدموع، ثم الانطواء على نفسها، إلى أن يشاء الله ويسخر لطفلها من ينقذه من براثن الموت. وعلى رغم تكالب ظروف الحياة وحياة العوز التي تحيط بها، إلا أن العجوز المكلومة بوفاة زوجها قبل عامين، لم تفقد إيمانها بالله ثم ثقتها بنفسها وقوة عزيمتها، فاستمرت في كفاحها وتربية أبنائها، بعد أن رزقها الله ثلاث بنات وولدين أحدهما محمد والآخر الأكبر يعاني من مرض نفسي حاد، إذ نجحت في تربيتهم تربية صالحة، وحرصت على حفظهم من رفقاء السوء، وأحاطتهم بجو أسري متكاتف مغلف بالحب والتراحم. وتسكن فيلا وأبناؤها في منزل شعبي قديم في بلدة قنا (45 كيلومتراً شمال حائل)، ويشاركها في منزلها المتهالك الكثير من الأمراض المزمنة، بدءاً بارتفاع ضغط الدم والسكري والروماتيزم، مروراً بهشاشة العظام، وانتهاء بالربو، إلا أن عزيمتها كانت حاضرة وصبرها كان الوقود الذي تستمد منه قوتها. أخيراً، صعقت فيلا وبناتها الثلاث بعد أن حذّر مجموعة أطباء في وحدة الكلى بمستشفى الملك خالد العام في حائل الذين يتردد عليهم كل يومين ليقوم بعملية الغسيل مدة تقارب أربع ساعات، من تفاقم الحال الصحية للطفل محمد، مؤكدين حاجته الماسة لزرع كلية في شكل عاجل، خصوصاً بعد أن أصيب منذ نحو ستة أشهر بفشل تام في الكليتين وارتفاع في نسبة السموم في الدم، إلى جانب أنه يعاني من ضيق حاد في المثانة منذ ولادته سبّب له آلاماً أنهكت جسده النحيل، لدرجة عجز معها عن النوم بعد أن بلغ المرض ذروته معه. وفي ختام حديثها إلى «الحياة» تمنت فيلا أن تجد متبرعاً ينقذ ابنها من مرضه الخطر، ويساعدها وأسرتها التي تعيش بلا أب في التغلب على ظروفهم القاهرة.