جسد نحيل يصارع الألم ويواجه خطر التسمم، ويحدق به الموت من كل صوب، لا حل سوى جرعات مكثفة من الأدوية التي أنهكت قواه وأفقدته حيويته. على مقربة من ذلك رجل وزوجته يعايشان كل لحظات الخطر التي يمر بها ابنهما، ولا يملكان سوى الدعاء، ثم الانطواء على نفسيهما وسكب الدموع، لا حل سوى ذلك إلا أن يشاء الله ويسخر لطفلهما من ينقذه من براثن الموت. ياسين طفل تونسي لم يكمل عامه الثاني بعد، إلا أنه على وشك إكمال المرحلة الخامسة من مراحل الفشل الكلوي المزمن، وهي المرحلة الأخيرة والأخطر. دهم الفشل الكلوي الطفل ياسين منذ ولادته، وبعد الفحوصات أكد الأطباء في مستشفى الملك خالد العام في حائل خطورة الحالة وحاجته الماسة إلى زراعة كلية، إذ حددوا فترة توقف عمل أجهزته الحيوية - بعد إرادة الله - خلال فترة من أسبوع إلى عامين. ويقول والد ياسين: «أشكو إلى الله ضعفنا وقلة حيلتنا، فأنا ووالدته ليس في أيدينا حل، وما نستطيعه هو موافقتنا على التبرع له بكلية، إلا أن المشكلة تكمن في أنه لا يوجد مستشفى يجري هذا النوع من الجراحات إلا مستشفى الملك فيصل التخصصي الذي لم يوافق على ذلك»، لافتاً إلى أن الكلية اليمنى لابنه متعطلة تماماً، فيما تعمل الأخرى بنسبة عشرة في المئة، ما تسبب في تسمم جسمه بنسبة 70 في المئة بسبب ارتجاع البول على الكلى. كل ما تعرفه أميرة الحبيب والدة ياسين، أن خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - تجاوب سريعاً مع برقية أرسلتها إلى الديوان الملكي منذ نحو ستة أشهر، ووجه حينها بعلاج ياسين في مستشفى الملك فيصل التخصصي وإجراء الجراحة اللازمة لها ومعالجته حالاً، «إلا أن وزارة الصحة اعتذرت عن عدم قبول حال ابني لعدم الأهلية، (لًن الطفل غير سعودي)». وتعود أميرة بالذاكرة إلى الوراء والدموع تنهمر من عينيها: «منذ عامين وطفلي يعاني من فشل كلوي مزمن، وذهبنا به إلى مستشفيات عدة لم تشخص حاله في بداية الأمر، والآن أنا مستعدة للتبرع لابني الوحيد وإنقاذ حياته ولو كلفني ذلك أن أخسر حياتي، ولا أستطيع أن أتخيل ياسين وهو يموت بين يدي»، مشيرة إلى أن ابنها يتناول ثمانية أدوية مختلفة يومياً، ما أثر في حاله الصحية بشكل سلبي، فأصبح لا ينام ليلاً من شدة الألم والبكاء. وتضيف: «السعودية بلد الخير والعطاء وابني في هذه البلاد الطيبة يموت ببطء ولا يجد من ينقذ حياته، ومستشفى الملك فيصل التخصصي يجري جراحات من هذا النوع، إلا أن اشتراطاته لا تنطبق على ابني فهو لا يجري الجراحات لغير المواطنين»، مؤكدة أن المشكلة ليست مادية، فلو كان هناك مستشفى يجري الجراحة داخل السعودية في مقابل مبلغ مادي لكان الحل عند فاعلي الخير. وتتابع أم ياسين: «خادم الحرمين الشريفين أكرمنا في بداية الأمر بتحويل الحال إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي، وأناشده عبر هذا المنبر الإعلامي أن يتفضل علينا مرة أخرى ويأمر بقبول حال ياسين واستثنائه من شروط مستشفى التخصصي بحكم خطورة الحال وضيق الوقت». وكان الطفل ياسين أدخل العناية المركزة في مستشفى الملك خالد العام في منطقة حائل بعد تردي حاله الصحية، فيما أوضح عدد من الأطباء أنه يعاني من أن نسبة مادة الكرياتين في الدم بلغت 350 في المئة، ما يهدد بتسمم الجسم، مؤكدين (عبر تقرير طبي حصلت عليه «الحياة») أنه في حاجة ماسة وعاجلة إلى إجراء زراعة للكلية في أقرب وقت ممكن».