تشهد محافظة النعيرية منذ أعوام ارتفاعاً مستمراً في أسعار الأراضي والعقارات على رغم أن معظم المخططات والأراضي تفتقد إلى البنية التحتية، إلا إن أسعارها تنافس أسعار المدن الكبيرة التي اكتملت البنية التحتية فيها. وتشهد المكاتب العقارية فيها إقبالاً كبيراً من مواطني مجلس التعاون الخليجي وبخاصة الكويت وقطر، حيث شراء الأراضي البيضاء، وكذلك المنازل السكنية والتجارية. وينتظر الأهالي مخطط أراض معتمداً يضم 4800 قطعة أرض تم اعتماده سابقاً، وأشار رئيس بلدية النعيرية سعيد شويل إلى أن اعتماد المخطط جاء بناء على قرار مجلس الوزراء القاضي بربط المنح ببرنامج الإسكان، مبيناً أنه لم يتم توزيع المخطط حتى يتوافر فيه الحد الأدنى من البنية التحتية مثل السفلتة والكهرباء. ويجد متوسطو الدخل الذين يتم حصولهم على قروض عقارية من صندوق التنمية العقاري معاناة بسبب ارتفاع أسعار الأراضي التي تبدأ من 250 ألف ريال، ويقع في حيرة من أين سيأتي بقيمة الأرض، وليس معه إلا القرض العقاري، والذي لا يتم التوقيع عليه إلا في وجود أرض، ويكون على دفعات لن يستطيع أن يشتري بها أرخص أرض في المحافظة. وأوضح علي العازمي (مواطن حصل على قرض من صندوق التنمية العقاري قبل أشهر) ل«الحياة»، أنه لم يستطع شراء أرض لبناء منزله، وذلك لارتفاع أسعار الأراضي، مشيراً إلى أنه لجأ إلى أحد أقاربه الذين يعملون في سوق البناء لشراء أرض والبناء عليها بقيمة قرضه العقاري البالغ 500 ألف ريال، وتم الاتفاق على أن يزيد فوق القرض العقاري 50 ألف ريال، مع التنازل عن الكثير من التصاميم لمنزل العمر، والذي ظل أعواماً ينتظر القرض العقاري. وأضاف بأنه تنازل عن التصميم المميز لمنزله، كما تنازل عن الكثير من أمور البناء مثل الديكورات وأنواع السيراميك وغيرها، والتي كان يطمح لها هو وعائلته في ظل الارتفاع الكبير في الأراضي التي تفتقد البنية التحتية. ويؤكد جمعان بادي (حصل على قرض من صندوق التنمية العقاري من دون وجود أرض له)، أنه كانت لديه أرض في إحدى الهجر قام ببيعها لظروفه الخاصة قبل حصوله على القرض، وقال: «لم أجد أرضاً أستطيع شراءها لأبني عليها المنزل، إذ إن قيمة الأرض لوحدها تستهلك نصف القرض، والبقية لا تكفي للبناء، وتوقفت حالياً حتى أجمع المبلغ الذي أستطيع أن أشتري به الأرض». وعن أسباب إقبال المستثمرين الخليجيين على شراء العقار في محافظة النعيرية، ذكر عدد من العقاريين في المحافظة بأن الإقبال على الشراء يعود إلى الارتفاع المستمر في أسعار الأراضي، بخاصة أن الأسعار قبل نحو عشرة أعوام كانت منخفضة وتشجع على الشراء، وأوجدت حالاً جيدة لاستقطاب المشترين، ويعد المستثمرون من الكويت الأكثر تملكاً للعقارات في المحافظة، إذ تنفذ طلبات شراء الأراضي في النعيرية بشكل مستمر من مستثمرين كويتيين، كما أن هناك تزايداً من القطريين والإماراتيين، ويؤكد العقاريون بأن ذلك ساعد في ارتفاع سعر الأراضي في محافظة النعيرية، وخصوصاً خلال الأعوام الستة الأخيرة. وأشاروا إلى أن وجود علاقات وروابط أسرية لكثير من سكان المحافظة في دول الخليج ساعد في شراء الأراضي،إذ روّج الكثير من المواطنين في النعيرية لفكرة الشراء لأقاربهم من خارج المحافظة، ما زاد الطلب على الأراضي، وبالتالي تولدت هناك زيادة مستمرة في الأسعار حتى أصبح المواطن متوسط الدخل يعجز عن شراء أرض وبنائها. وأضاف العقاريون أن كثيراً من المستثمرين استغلوا هذه الحال، وقاموا ببناء البيوت والشقق السكنية المخصصة للإيجار، حتى يستثمروا الطلب المتزايد عليها جراء الزيادة الملحوظة في عدد السكان في النعيرية، وبخاصة في الأحياء التي تتوافر فيها كامل الخدمات مثل حيي العزيزية والفيصلية، والذي وصل متوسط سعر إيجار الشقق فيهما إلى 16 ألف ريال، ويعد مرتفعاً بالنسبة لمدينة صغيرة تعداد سكانها قليل جداً، مقارنة بأسعار الشقق في مدن المنطقة الشرقية الكبرى مثل الدمام. وطالب عدد من المواطنين بسرعة توزيع المنح التي اعتمدت، والتي ستوفر للكثير من المواطنين بناء منازلهم الخاصة، في الوقت الذي قال فيه المواطن محمد سعود إنه ينتظر قرضه من صندوق التنمية العقاري، وأنه يوجد لديه رقم في المنح التي تم اعتمادها سابقاً، والتي تشمل 4800 منحة للمواطنين في محافظة النعيرية، ويتساءل مثل بقية المواطنين عن الأسباب التي تمنع توزيع المخطط عليهم، إذ إنهم ينتظرونه منذ أعوام طويلة. وأشار إلى أن أغلب المواطنين في المحافظة من ذوي الدخل المحدود، وقلة من الطبقة المتوسطة، والذين لا يستطيعون شراء أراض في ظل ارتفاع الأسعار بصورة مستمرة، مؤكداً أن النعيرية تقع في الصحراء التي تحيط بها من جميع الجهات، ولا يوجد مبرر لارتفاع الأسعار فيها، كما أن الأراضي وبحسب ما هو معروف لدى المواطنين مملوكة للدولة، الأمر الذي يتيح لوزارة الإسكان تخطيطها وتوزيعها على المواطنين، أو بيعها بأسعار رمزية شرط البناء.