رصد تقرير حديث حول الصناعات الدوائية في دول مجلس التعاون الخليجي زيادة حادة في الاحتياجات الصحية المتوقعة خلال السنوات المقبلة. وهذا يعود في الدرجة الأولى إلى النمو السكاني وارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة المرتبطة بنمط الحياة، يقترن مع السياسات الحكومة الرامية إلى دفع عجلة النمو في القطاع الدوائي في المنطقة، فضلاً عن التأمين الطبي الإلزامي للموظفين وزيادة الوعي الصحي. وأضاف التقرير أن المملكة العربية السعودية تحتل المرتبة الأولى بين دول الخليج من حيث الاستثمارات الدوائية، وذلك باستحواذها على 51 % من المبيعات الدوائية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي عام 2010. من جانبه قال السيد سانجاي فيغ، مدير إداري في البن كابيتال (الشرق الأوسط) التي أصدرت التقرير: "يسلط تقرير الصناعات الدوائية في دول مجلس التعاون الخليجي، الضوء على الفرصة المتاحة أمام القطاع الخاص للمشاركة في تلبية الطلب المتزايد في ظل محدودية التصنيع المحلي وغير الكافي". وأضاف: "نحن نعتقد أن الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري هي الأدوات الاستثمارية الأكثر ملاءمة للمستثمرين الذين يتطلعون إلى الفرص المتاحة في هذا القطاع، نظراً لمحدودية الأسهم الدوائية المدرجة في أسواق المال". ويتوقع التقرير أن تحقق صناعة المستحضرات الدوائية في دول مجلس التعاون الخليجي معدلاً سنوياً مركباً نسبته 7 % ليصل حجم القطاع من 5.6 مليار دولار في عام 2010 إلى 10.8 مليار دولار بحلول عام 2020. ويُعزى هذا النمو إلى العوامل السكانية المواتية مثل ارتفاع متوسط الأعمار وزيادة الوعي في مجال الرعاية الصحية وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المرتبطة بنمط الحياة والسياسات الحكومية الملائمة والتأمين الطبي الإلزامي للموظفين. ويتوقع التقرير ارتفاع نفقات قطاع الرعاية الصحية نتيجة لنضج هذا القطاع، ما سيؤدي بالمقابل إلى انخفاض نسبة الإنفاق في مجال الأدوية من إجمالي نفقات الرعاية الصحية في المنطقة لتصل أخيراً إلى معدلات الدول المتقدمة. تقدر نسبة الانخفاض من 14.3 % عام 2010 إلى 12.4 % بحلول عام 2022. هذا وسيكون هناك تحول في نمط استهلاك الدواء بسبب التحول الذي طرأ على معدل انتشار المرض. وأدى التوسع العمراني وارتفاع نصيب الفرد من الدخل في دول مجلس التعاون الخليجي إلى استهلاك الوجبات الغذائية غير المتوازنة وأسلوب حياة أكثر راحة، ما أدى إلى تفاقم انتشار أمراض نمط الحياة مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. ومن الجدير بالذكر أن متوسط تكلفة علاج الأمراض التي تتعلق بنمط الحياة أعلى من تكلفة علاج الأمراض المعدية وهذا سينعكس على صناعة الدواء ويؤدي إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. وتعدّ واردات دول مجلس التعاون الخليجي من الأدوية أعلى بكثير من المصنعة محلياً والتي لا تتعدى نسبتها من 5 الى 6 %. فمعظم المصانع الخليجية تركز بشكل رئيس على انتاج الأدوية العامة ويواجهون صعوبة في منافسة الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات التي تستورد المنتجات الدوائية ذات العلامة التجارية. وبما أن التصنيع المحلي محدود ولا يكفي لتلبية الاحتياجات المتزايدة فإن هذا يخلق حاجة ماسة لمشاركة القطاع الخاص، الأمر الذي يجعل قطاع الصناعات الدوائية في دول مجلس التعاون الخليجي وجهة استثمارية جذابة. وتخطط حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لرفع إنتاجها المحلي عن طريق الاستثمارات في مجال الصناعات الدوائية والتكيف مع سياسات التجارة الحرة والمعايير الصحية الدولية. علاوة على ذلك سيتم ضبط قطاع شركات الدواء الخاصة التي تفضل المنتجات الدوائية ذات العلامة التجارية عن طريق فرض طوابط مشددة على الأسعار. وعن أهم التحديات أمام دول الخليج أشار التقرير إلى أنه على الرغم من وفرة الفرص ضمن القطاع الدوائي في دول مجلس التعاون الخليجي إلا أنه يتخللها بعض المشكلات مثل الاعتماد الكبير على الواردات، ووجود موانع على نمو الأدوية اللاوصفية، والتوزيع غير المتكافئ لسعر الدواء في دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من أن القطاع لا يزال في طور التكون مقارنة بالمعايير الدولية، فإنه يخضع لتغيير هائل من خلال الإصلاحات، والأنظمة الحكومية المبسطة، ورفع كفاءتها وتوسيع البنية التحتية للرعاية الصحية. وبناء عليه تعتقد ألبن كابيتال أن قطاع الصناعات الدوائية في دول مجلس التعاون الخليجي سيشهد تحولا كبيرا في السنوات المقبلة، وسيوفر فرصاً استثمارية مثيرة للاهتمام.