كشف رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» محمد الشريف رداً على سؤال ل «الحياة» عن ملاحظة هيئته ردود فعل من ممارسي الفساد في السعودية تكمن في التردد والخوف من الانكشاف، مشيراً إلى أن رصد حجم الفساد في إحصاءات أمر صعب، وأن الهيئة لا تستطيع اجتثاثه نظراً لعمرها القصير الذي لم يتجاوز ثلاثة أعوام. وقال إن الفساد تكوَّن على مدى عقود وليس في أعوام قليلة، ما يصعب على الهيئة اجتثاثه خلال عمرها القصير، مضيفاً: «نعتقد وجود ردة فعل من ممارسي الفساد، سواء كانوا موظفين أم غير ذلك، ويوجد تخوف من الانكشاف، بيد أننا لا نعرف الحجم ومن الصعب أن يرصد في شكل إحصاءات». وكشف الشريف في هامش محاضرة ألقاها بكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة أمس، عن عدم نشر الهيئة كل ما ترصده، وأن آلية النشر تختص في ما يلامس حياة المواطن، لافتاً إلى أن الهيئة تملك أدوات بلاغ لمعرفة الفساد وكشفه، إذ يوجد في الهيئة مهندسون، بأعداد كبير إضافة إلى باحثين، جميعهم ينتشرون في أنحاء السعودية، مضيفاً: «نحن نبلغ عن مشاريع متعثرة، أو نرصد ما نقرأه في الصحف، ويذهب فريق الهيئة إلى الوقوف والتأكد، ولدينا أفضل الوسائل لكشف الفساد». وأوضح أن الهيئة غير معنية بمناقشة البيروقراطية في الأداء الحكومي، إذ تخصصها يكمن في كشف الخلل نتيجة التقصير وعدم توفير المخالفات، وأنه يتطلب على من يشتكي من نقص الخدمات أن يخاطب الهيئة، مشيراً إلى أن البلاغات التي تصل إلى الهيئة تتحرى عنها وتتأكد من مصداقيتها، وتتواصل مع المبلغ لاستكمال المعلومات الناقصة. وبين أن الهيئة لا تراقب المناقصات التي تعلنها وزارة المالية لكثرتها، إذ لا يتم التحرك إلا للبلاغات التي تشير إلى شبهة فساد، مشدداً على ضرورة فرض العقوبات والغرامات على المتورطين في جرائم الفساد بمختلف أنواعه، وتحديث اللوائح والأنظمة القديمة التي سبق أن صدرت، لمعاقبة المتورطين في قضايا الفساد، وملاحقة المتورطين كافة داخل البلاد وخارجها في الملحقيات التابعة للسعودية، مع ضرورة تطور المناهج الدراسية في المدارس والجامعات بما يعزز مفهوم النزاهة والشفافية لدى الأجيال المتعاقبة. وقال إنه يؤيد إعادة النظر في العقوبات والغرامات على المتورطين في قضايا الفساد كون أن اللوائح المعمول بها حالياً صدرت منذ فترة طويلة، وتتطلب المراجعة والتطوير، مضيفاً: «العقوبات والغرامات أصدرت في وقت سابق وكانت القيمة الشرائية للعملة مختلفة عن الوقت الحالي، وأن الأنظمة ستراجع وسيرفع الحد الأدنى من الغرامات حتى تتكافأ، وأن عقوبات الحدود الشرعية لا نستطيع أن نتدخل فيها، بيد أننا نطالب بزيادة التشدد في العقوبات التعزيرية التي تتعلق في مسائل الفساد». وبين أن الهيئة تدرس حالياً افتتاح فروع لها في مناطق السعودية، بعد أن تم تجهيز المقر الرئيس في الرياض، وتم اختيار 400 عنصر للعمل به، مشيراً إلى أن الهيئة خصصت ست قنوات للتواصل معها والإبلاغ عن أي قضية للفساد، كما خصصت رقم موحد للتواصل مع الهيئة لتعريف المبلغين بالطرق المتاحة للإبلاغ. وأكد اهتمام الهيئة بجميع ما يصل إليها من بلاغات وتقدم مكافآت رمزية للمبلغين عن مثل هذه القضايا، لافتاً إلى أن الهيئة رفعت إلى الجهات العليا نظاماً لتقديم مكافآت مناسبة لمن يساعد الهيئة على اكتشاف قضايا للفساد. واستبعد وجود تضارب في عمل الهيئة مع جهات أخرى كديوان المراقبة العامة، أو هيئة الرقابة والتحقيق، مؤكداً وجود تكامل بين الجهات. ولفت إلى أن الفساد مختفٍ وغير معلن، ما يجعل مقاومته صعبة وتتطلب الكثير من الجهد، ليأتي أهمية الدور الذي يضطلع به المواطن في كشف هذا الفساد، إذ لا يجب سكوت أي مواطن عن أي مظهر للظلم أو الغبن أو الفساد وبخاصة أن الحكومة لا تدخر جهداً في مواجهة هذه الظاهرة.