بعد عامين في بوستن بأميركا وقع اجتياح بيروت فخرجت من عزلتي وشاركت الطلاب العرب في فعالياتهم وتظاهراتهم. كانت تجربة فريدة وثرية، بعدها حضرت عدة جلسات لاتحاد الطلاب الفلسطينيين بمعية صديقي وأستاذي أحمد الربعي الذي كان يعد رسالة الدكتوراه في جامعة هارفارد أيامها. ولكنني بعد حضور اجتماعين أو ثلاثة لاحظت العداء السافر بين شباب منظمة فتح وشباب الجبهة الشعبية فتركتهم لتناحرهم وعدت لعزلتي. كتبت عدة قصائد في بوستن منها «الخزاف» و«المسافة» و«أشجار» و«أوراق الحلاج» و«بيروت 1982». الأخيرتان نشرتا في مجلة «اليمامة»، التي كنت مشتركاً بها وتصلني باستمرار. عندما عدت من أميركا زرت مجلة «اليمامة» ومن هناك انطلق بي الصديق الشاعر عبدالله الصيخان إلى الأستاذ عبدالله نور، الذي عانقني كأنه يعرفني منذ سنين وقال: «يجب أن تجمع قصائدك في كتاب». ومن خلال الصيخان تعرفت على بقية المجموعة الرائعة في الرياض الذين جميعهم دفعوا بي إلى النشر في الصحف. عرض عليّ صالح الشهوان وصالح الأشقر كتابة زاوية للملحق الأدبي بجريدة «الرياض» وخطر ببالي اسم «لوجه العاشقة» ولكنهم اقترحوا الضفة الثالثة فحذفت التعريف ونشرت الزاوية الأسبوعية «ضفة ثالثة» 1986. واتخذت اسم «لوجه العاشقة» عندما عرض عليّ صديقي وعديلي فهد العتيق الكتابة لمجلة «الجيل». وفي عام 2000 و2001 كتبت زاوية «منازل» نصف شهرية لملحق جريدة «الجزيرة» الثقافي. صدرت مجموعتي الأولى «جلال الأشجار» أواخر 1993 التي كان يفترض أن تكون هي المجموعة الثانية وربما الثالثة لأنني كنت قد تخلصت من قصائدي القديمة التي كتبتها قبل الابتعاث 1980. نشرت بعضاً منها في الصحف ولكنني لم أحفظها. لا أعرف سبباً لعدم اكتراثي بالنشر في تلك المرحلة. في عام 2007 كانت لديّ مخطوطة مجموعة شعرية، وفي لقاء بإذاعة الرياض أتيت على ذكرها مع الصديق الشاعر عبدالله الوشمي فاقترح طباعتها. وتم الاتفاق على طباعة المجموعتين الأولى والثانية، وصدرت المجموعتان في كتاب واحد بعنوان «رقيات يليه جلال الأشجار» عن النادي الأدبي بالرياض والمركز الثقافي العربي، بيروت عام 2007. والآن 1 - 8 - 2013 أحدق وأتأمل بدهشة الأطفال كما هي عادتي التي لا أستطيع الفكاك منها. ما يحدث في مصر وسورية وغيرهما في هذه اللحظات الحيّة ما هو إلا دليل إضافي على أن العرب ما زالوا يعيشون ثقافة عصور الانحطاط التي لا يزالون يحاولون الفكاك منها منذ أكثر من مئة عام.