تمكّن عُلماء من «الوكالة الأميركيّة للطيران والفضاء» («ناسا») و «معهد المَسح الجيولوجي الأميركي» (US Geological Survey) من اكتشاف المنطقة الأكثر بُرودة على الأرض. وتوصّلوا إلى تحديدها باستِخدام أجهِزَة مُتنوعّة ومُتطوّرة في القمر الاصطناعي «لاندسات 8» landsat 8، الذي أُطلق في وقت سابق من العام 2013. البحث في هِضاب الجليد على رقعة طولها 1000 كيلومتر من هضبة جليد مهجورة ونائية في شرق القارة القُطبيّة الجنوبيّة، رصد العُلماء بين العامين 2003 و2013، درجات حرارة تدنّت إلى ما دون الصفر بقرابة 93.2 درجة مئوية، ما فاق أدنى درجة حرارة سُجّلت قبلها، وهي 89.2 درجة مئويّة تحت الصفر، التي رُصِدَت في 1983، عبر محطة بحوث «فوستوك» في شرق تلك القارّة. ووِفقاً ل «ناسا» جاء تسجيل الأرقام القياسيّة الجديدة في عدد من الجيوب الصغيرة بعمق يتراوح بين متريْن و4 أمتار، وبطول يتراوح بين 5 كلم و 10 كلم، وهي قريبة من تلال الجليد في شرق القطب الجنوبي. وبيّن باحثون أن الهواء البارد يبدأ قرب سطح الثلج. ولأنه يكون أكثر كثافة من الهواء فوقه، فإنّه يتحرّك نحو الأسفل في تلك الجيوب، ما يجعلها فائقة البرودَة. وفي هذا الإطار، رَجّح البروفسور تيد سكامبوس، وهو العالِم الرئيسي في «مركز المعلومات الوطني للثلوج والجليد» National Snow & Ice Data Center، حصول ظروف قياسيّة عندما تحاول الرياح أو الضغط الجوي تحريك هذا الهواء صعوداً. إذ ينزلق الهواء نحو الأسفل داخل الجيوب، فيبقى بارِداً لوقت طويل، حتى عندما يكون الطقس جافاً جِداً والسماء صافية. وأضاف: «عندما يخيّم الهواء في هذه الجيوب، تتدنّى دَرَجات الحرارة في شكلٍ مَلحوظ». وعندما تتدنى درجات الحرارة في شكل ملحوظ شتاءً، تنكمِش الطبقة العليا من الثلج إلى درجة أنّ سطحها الخارجي يتشقّق. وبيّن سكامبوس أن التشقّق «قاد بعض العلماء للسؤال عن مدى انخفاض درجة الحرارة، لذا شَرَعنا في البحث عن الأماكن الأشد برودة باستخدام أجهزة استشعار في ثلاثة أقمار اصطناعيّة. ورسم «لاندسات 8» خريطة دقيقة للجيوب الباردة». وعثر فريق سكامبوس على مجموعة كبيرة من المواقع التي تتدنى فيها الحرارة الى مستويات قياسيّة. ولامس بعضها مستوى ال92 درجة تحت الصفر. وعموماً، أشار عُلماء إلى وجود طبقة في الغلاف الجوي فوق تلك الهضبة الجليديّة، تتمتّع ببرودة عاليّة، ما يرسم سقفاً لمستويات البرودة في الهضبة الجليدية تحتها. وعلّق سكامبوس على هذا الأمر بالقول: «على رغم أنّ المكان بارد جداً، إلاّ أنّ هناك طاقَة تخرج من سَطح القارة القطبيّة إلى الفضاء، خصوصاً عندما يكون الجو جافاً وخالياً من الغيوم». وحاضراً، يواصِل سكامبوس وفريق عمله صقل خريطتهم عن الأماكن الأكثر برودة على سطح الأرض، مستخدمين البيانات التي يقدّمها «لاندسات 8»، الذي قدّم أيضاً بيانات مدهِشَة عن الغابات والأنهار الجليدية. وعلى المدى الطويل، يحاول هذا الفريق تصميم محطات للأرصاد الجوية في المناطق التي سجّلت درجات حرارة متدنيّة قياسيّاً، بهدف تأكيد معلومات «لاندسات 8»، مع الإشارة إلى أن محطات الأرصاد الموجودة حاضراً لا تعمل في شكل صحيح في فصل الشتاء. وقال سكامبوس: «ليس هناك أشخاص يبقون طوال فصل الشتاء لقياس درجات الحرارة، ما يعني أننا نحتاج إلى استخدام معدّات إلكترونية يمكنها مصارعة تلك البرودة القاسية».