تحدثت في مقالتي السابقة بتاريخ الأول من شهر يوليو (تموز) الماضي بإيجاز حول العصور الجليدية ومكان الجزيرة العربية منها، وأريد أن أسلط الضوء حول التضارب بين نظرية الاحتباس الحراري وزيادة البرودة في شتاء السعودية. بعض الآراء تبرئ النشاط الإنساني من التسبب في سخونة الأرض، فهي ترى أن احترار الأرض موقت وقصير، إذ النشاط الشمسي يبلغ ذروته، وأن الأرض تتجه إلى عصر جليدي، بدليل أن تعاقب طبقات الأرض يشير بلا ريب إلى أن الأرض مرت بحقب جليدية وأخرى ساخنة ذاب فيها الجليد حتى قبل وجود الجنس البشري عليها، كما أكدت دراسة بجامعة أوهايو أن الجليد غطى الأرض في العصر «الأوردوفيشي»، على رغم أن نسبة ثاني أكسيد الكربون كانت عالية، ويقول الباحث الجيوفيزيائي سيون من جامعة ألاسكا «إن الزيادة في درجة حرارة الأرض قد حلت في عصور سابقة، على رغم أن تركيز ثاني أكسيد الكربون كان أقل»، إذن هؤلاء يؤيدون انه لا علاقة بتركيز ثاني أكسيد الكربون في احترار الأرض، وأن ذلك مجرد مصادفة لدورة احترار الأرض مع التلوث بثاني أكسيد الكربون حالياً. يقول فيكتور مانويل من جامعة المكسيك «إن الدراسات البيئية الحالية تعتمد على نماذج رياضية وتلغي اعتبار النشاط الشمسي»، ويضيف «إن الأرض تدخل الآن عصراً جليدياً سيستمر 80 عاماً وسيظهر معه الجفاف في بقاع كثيرة»، وهذا ما نراه حقاً في بلادنا: جفاف وبرودة، وبالفعل أكدت تقارير منظمة الأرصاد العالمية أن عام 2008 كان الأبرد في العالم، بل وصل الأمر ب «ستيف ميلوي» في كتابه «الهاوية الخضراء The Green Hell» إلى السخرية بدعاة حماية البيئة، إذ فاقت تحذيراتهم الحد المعقول وصمموا حملات لترويج فكرة الاحتباس، كما زعم أنه لا يوجد دليل قاطع على ذلك، وأن هؤلاء اعتمدوا على نماذج رياضية غير دامغة الحجة، وأن المعلومات التي تم استقاؤها من أدلة العصور الغابرة تقوض حجتهم. إحدى أهم الظواهر الجوية المعقدة هي ما يحدث في المحيط الهادي من دورتي البرودة «لانينيا» والدفء «ال نينيو»، وهي تسميات بلغة صيادي أميركا الجنوبية، فرياح «لانينيا» تزيح مياه السطح الدافئة في المحيط الهادي باتجاه الغرب وتطفو المياه الباردة على السطح فتنخفض درجة الحرارة ويسود الجفاف سواحل أميركا الجنوبية وما يوازيها من مناطق، والعكس بالنسبة لاستراليا، إذ تنهمر الأمطار بغزارة، وهنا قد تتأثر الجزيرة العربية بموجة «لانينيا» بشكل مشابه لتأثر سواحل أميركا الجنوبية، كما تتأثر بقاع كثيرة جداً بهذه الموجة الباردة بسبب «لانينيا»، التي يقرر علماء الأرصاد أنها بدأت عام 2007 وتسببت في برودة شتاء السعودية، وهطول الثلج على بعض مدن العراق وشمال السعودية والأردن. أما لماذا تزداد رقعة الجليد الذائبة، وفي المقابل تزداد برودة الطقس عندنا؟ فهذا يعود إلى أن الجليد الذائب يخفض درجة حرارة مياه البحار فتنتقل البرودة حتى لليابسة. عضو الجمعية الأميركية لجيولوجيي البترول [email protected]