أعربت وزارة الخارجية الأميركية أمس عن قلقها إزاء قرار القاهرة اعتبار جماعة «الإخوان المسلمين» تنظيماً «إرهابياً»، ما انتقدته وزارة الخارجية المصرية، فيما تحدث مسؤولون في الشرطة عن معلومات بخطط استهداف كنائس خلال احتفالات الأقباط بعيد الميلاد في السابع من كانون الثاني (يناير) المقبل. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصل مساء أول من أمس بنظيره المصري نبيل فهمي وأعرب عن قلقه من القرار، بحسب الناطقة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي التي قالت في بيان إن كيري دان في الاتصال الهجوم الانتحاري الذي وقع الثلثاء في المنصورة والتفجير الذي استهدف حافلة في القاهرة أول من أمس. وأضافت أنه «عبّر عن قلقه إزاء القرار الصادر الاربعاء الماضي من جانب الحكومة الانتقالية المصرية باعتبار الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً وحملات الاعتقال والتوقيف الأخيرة». لكنها أشارت إلى أن كيري وفهمي «اتفقا على أن لا مكان للعنف في مصر وان الشعب المصري يستحق السلام والطمأنينة». لكن الوزير الأميركي «شدّد أيضاً على الحاجة الملحة إلى عملية سياسية شاملة لكل الاطراف السياسية وتحترم حقوق الإنسان الأساسية لكل المصريين من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والتغيير الديموقراطي». غير أن الناطق باسم الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي نفى تعقيب كيري على القرار خلال الاتصال مع فهمي، موضحاً أنه «استفسر عن نطاقه وآلية تطبيقه من دون إبداء أي رأي». وقال عبدالعاطي ل «الحياة» إن البيان الأميركي «غير دقيق»، موضحاً أن كيري أبلغ فهمي «بتعازي بلاده الخالصة للحكومة في حادث المنصورة ولأسر الضحايا، وأعرب عن إدانة الحادث، واستفسر عن جماعة أنصار بيت المقدس التي تبنت الهجوم ومدى ارتباطها بمنظمات دولية أخرى». وأشار إلى أن كيري «أبدى تفهمه لحق الحكومة في مواجهة الإرهاب، واستفسر عن إعلان الإخوان تنظيماً إرهابياً ونطاق تطبيق القرار، من دون إبداء أي تعقيبات، كما استفسر عن إجراءات لضمان حرية المشاركة في الاقتراع على الدستور وإشراك المجتمع المدني في الإشراف على عملية الاقتراع». وأضاف أن الوزير الأميركي «دعا إلى التمسك بما جاء في خريطة الطريق وضمان الحريات من أجل اقامة مناخ ديموقراطي حر، وأشاد بخطوات تنفيذ الخارطة، لا سيما الانتهاء من صوغ تعديلات الدستور، ما رد عليه فهمي بتأكيد أن التزام الحكومة بخريطة الطريق واجب أمام الشعب المصري، كما تعهد توفير الأمن والاستقرار، وأن الدستور الجديد سينظم شكل الحياة السياسية المقبلة». وعلق مسؤول مصري رفض نشر اسمه على البيان الأميركي قائلاً إن «القرار أمر يخص الدولة المصرية، وجاء بناء على حقائق على أرض الواقع عن ارتباط هذه الجماعة مع جماعات أخرى إرهابية تنفذ أعمالاً إرهابية». وقال ل «الحياة» إن «إعلان وزير الخارجية الأميركي قلق بلاده أمر متوقع من الإدارة الأميركية التي طالما دعمت وساندت هذه الجماعة خلال فترة حكم (الرئيس المعزول محمد) مرسي». وأكد أن «الدولة تسير على الطريق الصحيح، لأنها المعنية وحدها بتحقيق مصلحتها وبما يعمل على تحقيق الأمن والاستقرار، وصولاً إلى الانتهاء من العملية السياسية الشاملة، مع احترام حقوق الإنسان لكل المصريين من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والتغيير الديموقراطي من دون تدخلات خارجية». ورد رئيس لجنة الخمسين التي صاغت تعديلات الدستور عمرو موسى ضمناً على بيان الخارجية الأميركية، مشدداً على «ضرورة مقاومة الإرهاب بقرارات حاسمة، وعدم الالتفات إلى أي تصريحات خارجية». واستنكر «ما تشهده مصر من تفجيرات إرهابية بأيادٍ آثمة لا تعرف معنى الدين والوطن». وأشار إلى أنه «رغم محاولات جماعة الإخوان تعطيل كتابة الدستور، إلا أن الشعب المصري يزداد إصراراً على المشاركة في الاستفتاء يومي 14 و15 كانون الثاني (يناير) المقبل، فإنقاذ مصر يأتي بتنفيذ خريطة الطريق». وعبّر الأزهر عن «ألمه إزاء ما شهدته البلاد في الأيام الماضية من دماء الأبرياء التي تراق من دون رحمة أو شفقة من أشخاص فقدوا عقولهم وخرجوا على كل تعاليم الدين وانتهكوا حرماته»، مؤكداً أن «ما يقوم به هؤلاء الإرهابيون الغاشمون من قتل للأبرياء وترويع للأمن أمر حرمه الإسلام، بل والأديان السماوية كلها». وشدد على أن «الإسلام يرفض الإرهاب بجميع أشكاله وصوره، لأنه قائم على الإثم والعدوان وترويع الآمنين، وتدمير البلاد، ومقومات الحياة». ودعا المصريين إلى «الابتعاد عن كل ما يفضي إلى الإخلال بأمن البلاد والعباد أو يسبب العنف والإرهاب واستخدام القوة، والالتزام بصون حُرمات الدماء والأموال والأعراض أيا كانت». وطالب ب «نبذ كل ما يتصل بلغة العنف في حل المشاكل، والقيام بحملة منظمة لمواجهة هذه الأفكار». ورأى أن «ما يقوم به الإرهابيون من تفجيرات في مصر هو محاولة رخيصة لزعزعة أمن الوطن، وبث الفزع في قلوب المصريين من أجل إعاقة مسيرة التقدم والاستقرار». إلى ذلك، استنفرت أجهزة الأمن لتأمين احتفالات الأقباط بعيد الميلاد. وكشف مسؤول أمني ل «الحياة» أن الشرطة تلقت معلومات بخطط جماعات متشددة لاستهداف الكنائس وتجمعات الأقباط، لا سيما في مدن سيناء. وأشار إلى أنه «تقرر اتخاذ إجراءات احترازية في محيط الكنائس في مختلف المحافظات في إطار خطة تأمين، وتم تشكيل مجموعات أمن موسعة لفحص العقارات المحيطة بالكنائس الرئيسة والمطلة عليها». ونفت وزارة الداخلية في بيان ما تردد عن تحديد موعد لإنهاء الصلاة في الكنائس قبل موعدها، مؤكدة «اتخاذ إجراءات تأمين الكنائس حتى انتهاء مراسم الصلاة والاحتفالات في جميع الكنائس وفي إطار المواقيت التي يحددها مسؤولوها حتى إنصراف المترددين عليها». غير أن الحقوقي القبطي المحامي نجيب جبرائيل أوضح ل «الحياة» أن احتفالات رأس السنة ستستمر فقط حتى العاشرة مساء «بعد تنسيق مع أجهزة الأمن». وأشار إلى أن «تعاوناً أمنياً سيتم بين قوات الشرطة والأمن الداخلي للكنائس، كما ستوكل إلى قوات من الجيش مهمات في التأمين، وهناك سلاسل بشرية من المسلمين في محيط الكنائس». وقال: «الأمور صعبة، لكن هناك تصميماً من الأقباط على تحدي الإرهاب والاحتفال».