يبدو أن القرارات السياسيّة تتدخَل في شؤون المعارض العِلميّة والتقنيّة ذات البُعد العربي والأفريقي والدولي، ومنها «مَعرض القاهرة للمَعلوماتيّة والاتّصالات 2013» ICT Cairo 2013 . أُقيم المعرض قبل منتصف كانون الأول (ديسمبر) بتنظيم من شركة «تريد فايرز». وفي الأصل، كان مُقرّراً إقامتِه في نيسان (إبريل) المنصرم، نظراً الى الأوضاع السائدة في مصر. «كُلْ تأخيرة وفيها خيرة» يبدو أن التأجيل جاء في مصلحة المَعرض، ربما سيراً مع المثل العامّي الشهير «كُلْ تأخيرة وفيها خيرة»، إذ شهد افتتاحه إقبالاً شديداً من جمهور مصري وعربي وإفريقي، كما توقّع مُراقِبون أن يكون من أنجح دورات هذا المعرض الذي يتكرّر سنويّاً. وجرت أعمال الدورة ال17 للمَعرض على مساحة 17 ألفاً و400 متر مربّع، ومشاركة 420 شركة محلية وعالمية. وكانت دورة ناجحة على مُستوى الحضور والتنظيم والمشاركات والاتفاقات. ولكن سوء الأحوال الجويّة في مصر قبل اختتام المَعرض على أثر عاصِفة ثلجيّة غير مألوفَة، أدى إلى تناقص في عدد زوّار المعرض. «بِناءُ الجُسور». كان ذلك هو شعار المَعرض القاهري لهذا العام. ونال المَعرض رعاية وزير الاتّصالات وتكنولوجيا المَعلومات المهندس عاطف حلمي، إضافة إلى مُشَغّلي الاتّصالات الأربعة في مصر. وللمَرّة الأولى، شَهِد المَعرض مُشاركة من دول عربيّة وأفريقيّة مُختلفة، شملت الكونغو وإثيوبيا وغينيا الاستوائية والمملكة العربيّة السعوديّة، مع وفود من 11 دولة أفريقية وسفراء ل17 دولة عربية، إضافة إلى رئيسي مُنظّمتي «إيكان» ICANN الأميركيّة و «إسكوا» الدوليّة. وتآزرت تلك العناصر لإنجاح هذا المعرض التقني. «سَحاب» وحياة يوميّة و «ميتا فابريك» شاركت شركة «سيسكو سيستمز» العالميّة في المَعرض كراعٍ رسمي. وبيّن أيمن الجوهري، وهو مديرها العام في مصر، أن المَعرض مَلمَح محوري في المَسار المصري للتطوّر المعلوماتي، مُشيراً إلى أن التطوّر في التقنيّة الرقميّة يؤثر في المجالات كلها. وأوضح أن الشركة تُركز على أمن البيانات والمعلوماتيّة المتنقلّة و «حَوسَبَة السَحاب» Cloud Computing. وفي «حَوسَبَة السَحاب»، تستخدم شبكة الإنترنت كمركز لبيانات الأفراد والمؤسسات وملفاتهم وأشرطتهم ومنتجاتهم واتّصالاتهم، ما يتيح الوصول إليها كلها بمجرد الدخول إلى الانترنت. وعَرضت «سيسكو» تقنيّاتها المُبتَكَرة في إطار ما سَمّته «بيئة الحياة الحقيقيّة اليوميّة»، ومن بينها المراقَبَة بكاميرا الفيديو، إضافة إلى أنها حرصَت على إبراز مفهومها عن «الحَوسَبَة الشامِلَة» Ubiquitous Computing. وفي جناحها، عَرَضَت شركة «جونيبر نتوركس»Juniper Networks، الهيكلية التقنيّة المتّصلة بمفهوم ال«ميتا فابريكMeta Fabric، بمعنى نشر التطبيقات عبر مراكز البيانات، ما يزيد من أمن المعلومات ويزيد كفاءة تلك المراكز. وتعتمد ال «ميتافابريك» على الروابط الذكيّة المنسوجَة بين الأفراد والمؤسّسات من جهة، وأمكنة توافر التطبيقات والبرامج من جهة ثانيّة، إضافة إلى وضعها مراكز تجمّع المعلومات والبيانات في تصرّف الطرفين السابقين، ما يجعل تلك المراكز أشبه ب «عُقَد المواصلات» في هذه المَنظومَة المتشابِكَة. ويؤدي هذا النسيج الذكي إلى هندسة تتسِم بالبساطة والذكاء والانفتاح. تأتي البساطة من سهولة التعامل مع نسيج ال «ميتا فابريك» مع الاستغناء عن وساطَة مقدّمي الخدمات الرقميّة، والذكاء من التفاعل بين الأجهزة المتنوّعة والبرامج الرقمية والأجهزة الإلكترونيّة والقواعد الشبكيّة للبيانات والمعلومات. انطلاقة في التعليم التفاعلي في هذا السياق، أوضح براد كازمور، وهو مدير للبحوث في مؤسّسة «آي دي سي» IDC للمعلومات، أن قادة تكنولوجيا المَعلومات يسعون الى ابتكار شبكات يمكنها أن تتماشى مع متطلّبات أعمالهم الدقيقة، وتمكنّهم من الاستفادة من «حَوسَبَة السَحاب» بطريقة ذكيّة ومتطوّرة. وقال: «يتطلّع هؤلاء القادة إلى نسج شبكات ذكيّة تكون قادرة على تقديم حلول مبتكرة لتأمين المعلومات والبيانات من جهة، والبنيّة التحتيّة الإلكترونيّة من الجهة الثانية. وللمرّة الأولى، توضع بين أيديهم مراكز بيانات متعدّدة، خصوصاً تلك المُرتَبِطة ب «حَوسَبَة السَحاب»، بطريقة ترتكز على مستويات عاليّة من المرونة والكفاءة». وتماشياً مع سياسة الحكومة المصرية، أعلن «مُجمّع الخُرافي للتكنولوجيا» Khorafi Business Machine أثناء مشاركته في «مَعرض «آي سي تي كايرو» 2013»، عن انطلاقة نِظام التَعليم التَفاعُلي. واستعرض المهندس محمود السيد، وهو الرئيس التنفيذي ل «مُجمّع الخُرافي للتكنولوجيا» مشروعاً جديداً تمثّل في التَعليم التَفاعُلي المستند إلى العلاقة الإفراديّة مع الطلبة. ويساعد على الوصول بتركيز الطالب على التعلّم، إلى نسبَة 100 في المئة. وطبّق هذا المُجمّع مفهومه المُبتكر عن التَعليم التَفاعُلي في 20 مدرسة تحتوي على 235 فصلاً دراسيّاً. وتعتبر هذه الخطوة أولى في نوعها. وأنجِزَت عبر مُناقَصَة بلغت قيمتها 30 مليون جنيه، ذهبت لمصلحة وزارة التربية والتَعليم التي تلقّت دعماً في هذا المجال، مُقدّماً من «مؤسسة «ميلينيوم» للتَعليم». وتذكيراً، تقدّم «ميلينيوم للتَعليم» مساعدة ماليّة لقرابة 1 في المئة من الطلاب عالميّاً. ويجرى العَمَل على إنجاز المشروع المصري في التعليم التفاعُلي عبر «كونسورتيوم» ضخم يضمّ «مُجمّع الخُرافي للتكنولوجيا» و «الهيئة العربيّة للتصنيع»، وشركات «إنتل» و «مايكروسوفت» و«مجموعة خليفة للكومبيوتر» و«نهضة مصر» وغيرها. وأضاف السيد أن هذا ال«كونسورتيوم» انتهى أخيراً من نشر هذا الحل السحري في مدارس متنوّعِة في القاهرة والجيزة، مُشيراً الى الانتهاء من تدريب مُدرّسين وطَلَبَة على استخدام تكنولوجيا المَعلومات في العمليّة التَعليمية. وبيّن أن هذا التدريب شمل 428 معلماً و7 آلاف طالب، وقرابة 40 مسؤولاً عن تكنولوجيا المَعلومات في تلك المدارس، إضافة إلى 20 ناظراً و60 موجّهاً في التربية والتَعليم. وأنجِزَت هذه المراحل الأوليّة بالاستناد إلى جهاز «تابلِت» مخصّص للتعليم، إضافة إلى تجهيز البنيَة التحتيّة في هذه المدارس بشبكات للاتصال مع الانترنت، وغرف لتكنولوجيا المعلومات. وبيّن الوزير أيضاً أن المرحلة عينها شملت الصفين الرابع والخامس من المرحلة الابتدائيّة، والصف الأوّل إعدادي. كما جرى تجهيز غُرَف للدراسة مزوّدة ب «سبورة» إلكترونيّة تفاعليّة، وجهاز عرض ضوئي، إضافة إلى خمسين جهازاً للتعلّم الإلكتروني وكومبيوتر محمول لكل مُدرّس. وعبر هذا التصميم الالكتروني، يستطيع المُدرّس متابعة الطلبة لحظة بلحظة، مع توجيه أسئلة اليهم وإخضاعهم لامتحانات متنوّعة... وتصميم غرفة لتكنولوجيا المَعلومات في كل مدرسة. وأشار حلمي إلى اتفاق ال«كونسرتيوم» مع شركة بريطانية كي تقوّم المشروع، وتقيس مدى الاستفادة منه، موضِحاً أن جهاز التعلّم يتمتع بالقدرة على مقاومة الصدمات والمياه، وهو قابل للطيّ كي يصبح منظاراً تليسكوبيّاً يستخدم في دراسات طبيعية متنوّعة.