خاضت القوات العراقية التي اقتحمت صحراء الأنبار اشتباكات هي الأعنف مع عناصر «الدولة الإسلامية في العراق الشام» (داعش) قرب الحدود السورية لقطع طرق الإمداد عنه بين البلدين، ما دفع التنظيم إلى فتح جبهة مواجهة في محافظة صلاح الدين فاحتل مقر تلفزيون محلي في تكريت وفجره، ما أدى إلى مقتل خمسة صحافيين وجرح آخرين، كما قصف موقعاً للجيش في بغداد فقتل ثلاثة ضباط، بينهم قائد فوج وأربعة جنود. من جهة أخرى ربطت الولاياتالمتحدة بين الهجمات التي تشنها «جبهة النصرة» و «داعش» في سورية، وتلك التي تقع في العراق وطالبت «قادة المنطقة باتخاذ التدابير الفعالة لمنع تمويل وتجنيد عناصر هذه المجموعات». وكانت قوات عراقية، مدعومة بالمروحيات، اقتحمت منطقة وادي حوران ووكر اللذين يتخذهما تنظيم «داعش» مقراً، في عملية اطلق عليها رئيس الحكومة نوري المالكي الذي زار كربلاء في مناسبة الزيارة الأربعينية «عملية الثأر للقائد محمد»، في إشارة إلى قائد الفرقة السابعة اللواء محمد الكروي الذي قتل وعدد من ضباطه في مكمن نصبه تنظيم «القاعدة» قبل يومين. وأفاد قائد عسكري في الأنبار أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجيش العراقي ومسلحي من «داعش وهي الأعنف منذ انسحاب القوات الأميركية من البلاد نهاية 2011». وزاد أن «العمليات جرت في مناطق خطرة يعرفها المسلحون أكثر من القوات الأمنية والمشكلة التي تواجه الجيش في الأنبار هي عدم قدرته على ملاحقة المسلحين داخل الأراضي السورية». وتسعى القوات العراقية إلى إغلاق الحدود الهشة بين العراق وسورية، لكنها تعترف بصعوبة مثل هذه المهمة في حدود تمتد إلى أكثر من 600 كيلومتر وتعقيدات جغرافية، وتداخل ديموغرافي. في المقابل هاجم انتحاريون يرجح أنهم من «داعش» قناة تلفزيونية ومكتب قناة «العراقية» في صلاح الدين، وسيطروا على المبنى وفجروا أنفسهم داخله ما أدى إلى مقتل خمسة صحافيين وعدد من الحراس، وجرح آخرين. وقال مصدران مسؤولان في وزارة الداخلية العراقية إن آمر الفوج الرابع من اللواء 23 للفرقة 17، وثلاثة ضباط آخرين وجنديين، قتلوا في هجوم بقذائف الهاون على ثكنتهم في منطقة أبو غريب. وجاء هذا الهجوم بعد يومين على قتل 15 عسكرياً، بينهم خمسة من كبار الضباط، خلال هجوم استهدفت معسكراً «القاعدة» في محافظة الأنبار. ودفع هذا الهجوم المالكي إلى القول إن ساحة الاعتصام المناهضة له في الأنبار تحولت إلى مقر للتنظيم، مانحاً المعتصمين فيها منذ نحو عام «فترة قليلة جداً» للانسحاب قبل أن تتحرك القوات المسلحة لإنهائها. وفي هذا السياق، قال المستشار الإعلامي في وزارة الدفاع الفريق الركن محمد العسكري إن «المعلومات والصور الجوية المتوافرة لدينا تفيد بوصول أسلحة ومعدات متطورة من سورية إلى صحراء الأنبار الغربية وحدود محافظة نينوى». وأضاف أن «هذا الأمر شجع تنظيمي «القاعدة» و «داعش» على إحياء بعض معسكراتهما، وكانت القوات الأمنية قضت عليها بين عامي 2008 و2009». إلى ذلك، أعلنت الولاياتالمتحدة إدانتها الهجمات الأخيرة «التي نفذها «داعش» «مستهدفة جنوداً ومسؤولين ومدنيين وقادة عسكريين عراقيين»، على ما جاء في بيان لوزارة الخارجية نقلته السفارة الأميركية في بغداد. وأضاف البيان أن «الدولة الإسلامية في العراق والشام هي فرع من تنظيم القاعدة الذي هو عدو مشترك للولايات المتحدة وجمهورية العراق، ويشكل تهديداً لمنطقة الشرق الأوسط الكبير». وتابع: «بموجب الاتفاق الاستراتيجي الموقع بين بلدينا (العراق وأميركا) ويوفر أساساً لتعاون أمني طويل المدى، ما زلنا ملتزمين المساعدة في تعزيز القوات العراقية في معركتها المستمرة ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام». ودعا «قادة المنطقة إلى اتخاذ التدابير الفعالة لمنع تمويل وتجنيد عناصر في هذه المجموعات، ومن بينها الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة، وإيقاف تدفق المقاتلين الأجانب إلى سورية، حيث ينفذ الكثير منهم تفجيرات انتحارية ضد مدنيين أبرياء في العراق».