بعد علاقة استمرت نحو 12 عاماً مع الطابور الصباحي في المدارس، لم يتوقع المواطن إسحاق مالك أن الطوابير الصباحية التي اصطف بها داخل مدرسته، ستستمر معه خلال دراسته الجامعية، وزواجه لاحقاً، وحتى بعد حصوله على الوظيفة. فمنذ أن أكمل إسحاق أعوامه الستة، واندمج داخل صفوف التعليم العام، ليكون طيلة 12 عاماً على موعد كل صباح بطابور يسيّره إلى فصله الدراسي، وطابور آخر يسد به جوعه أمام المقصف المدرسي، ليصطدم بعد ذلك في عام 2006 بطابور أطول من التي اعتاد أن يحتل خانة بها في سالف عمره لا تتجاوز الدقائق، جراء وقوفه ساعات طويلة لتسليم مستندات القبول الجامعي، ليظفر بمقعد في التعليم العالي. ولم تنته علاقة مالك مع الطوابير بمجرد تسلم الوثيقة الجامعية في عام 2010، بل استمرت إبان تسجيله معلومات زوجته، واستخراج تحاليل ما قبل الزواج، ليوطد علاقته مع الطوابير إبان وقوفه مستقبلاً جموع المهنئين بحفلة زفافه، إلا أن طابور عيادة «النساء والولادة» كان الأوفر حظاً بالذكرى الجميلة، بعد حمل زوجته التي شاركته الاحتفال بالاصطفاف. إسحاق الذي استرجع علاقته مع الطوابير في شارع الموضات «التحلية» بمدينة جدة، أثناء اصطفافه لتناول وجبة برغر أميركية، يقول «أصبح الاصطفاف في الطوابير أخيراً، شرطاً من شروط الحداثة و«الاتيكيت»، والشعور ب «العصرنة» التي تتواصى عليها رسائل «واتس آب» بين الشبان والشابات، لمعرفة مواعيد افتتاح الفرع الأوحد لبيع البرغر في جدة عن وكالة أطعمة أميركية شهيرة، إضافة إلى اقتناء هاتف محمول جديد، وكأننا لم نصطف كل عام في رمضان، للحصول على رشفة من جرة الفول كوجبة رئيسة على مائدة الإفطار». قصة إسحاق مع «الطابور» تبين اتفاق السعوديين مع شعوب العالم الأول في طوابير الاصطفاف الطويلة، ولكن ليس للحصول على وجبة برغر أو جرة فول فقط، إنما حين تعلن إحدى الشركات العالمية طرح منتج إلكتروني أو جهاز موبايل متقدم، بل تتجاوز ذلك لترافق السعوديين منذ أشهر ما قبل الولادة إلى طابور العزاء.