تابع رئيس الوزراء التونسي الجديد مهدي جمعة مشاوراته مع الأحزاب والمنظمات، قبيل تكليفه رسمياً من قبل رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي بتشكيل حكومة كفاءات محايدة تنهي الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ خمسة أشهر إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي. وجدد مهدي جمعة عقب لقائه الأمين العام للحزب الاشتراكي المعارض محمد الكيلاني أمس، التزام حكومته بكل بنود خريطة الطريق التي اقترحها الرباعي الراعي للحوار الوطني وعلى رأسها مراجعة التعيينات التي قامت بها الحكومة الحالية (التي تقودها حركة النهضة الإسلامية) في الإدارات والمنشآت العمومية، إضافةً إلى مكافحة الإرهاب وتهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات المقبلة في أقرب الآجال، مشدداً على أن حكومته المقبلة ستكون مستقلة وتقف على مسافة واحدة من كل الأطراف. من جهة أخرى، رفض القيادي في «الجبهة الشعبية» (تحالف اليسار والقوميين) الجيلاني الهمامي، في تصريح إلى «الحياة» وجود وزراء من حكومة رئيس الوزراء الحالي علي العريض في الحكومة المقبلة. وجاء موقف الهمامي متلائماً مع موقف الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) حسين العباسي، إذ دعا إلى تحديد موعد استقالة الحكومة الحالية والمصادقة على الدستور الجديد والقانون الانتخابي وهيئة الانتخابات قبل استئناف جلسات الحوار. وكان حزب «الجبهة الشعبية» والحزب «الجمهوري» أعلنا مقاطعتهما الحوار مطلع الأسبوع الجاري، في حين يبذل الرباعي الراعي للحوار (اتحاد الشغل واتحاد رجال الأعمال وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان) وأحزاب أخرى في المعارضة جهوداً لإقناعهما بالعودة عن قرارهما لإتمام ما تبقى من المسار التأسيسي والانتخابي في تونس. وعلى رغم مرور أسبوع على اختيار مهدي جمعة رئيساً للوزراء إلا أن بعض الأطراف في الحكم والمعارضة ما زالت تنتظر التشكيلة الحكومية التي سيختارها هذا الأخير للنظر في مدى استقلاليتها، وعلى رغم أن حكومة العريض تضم في صفوفها 60 في المئة من وزراء «تكنوقراط» إلا أن جمعة يسعى لأن يكون وزراؤه من خارج الحكومة الحالية. ويُنتظر أن يواجه رئيس الحكومة الجديد صعوبات في اختيار الوزراء ذوي الحقائب السيادية، بخاصة وزارة الداخلية التي تمثل تحدياً كبيراً بالنسبة إليه. وعلى رغم أن الوزير الحالي لطفي بن جدو (مستقل) يواجه انتقادات شديدة نظراً للاغتيال السياسي والعمليات الإرهابية التي حصلت في عهده، إلا أن بعض الأطراف يميل إلى إبقائه على رأس الوزارة ضماناً للاستمرارية والاستقرار التي تقتضيه أكثر الوزارات حساسية في البلاد.