فاجأ طرح اسم الوزير مهدي جمعة (50 سنة) كمرشح لرئاسة الحكومة التونسية في اليوم الأخير من المهلة المحددة لذلك، كثيراً من المراقبين والسياسيين في البلاد، خصوصاً أن اسمه لم يكن مطروحاً خلال جلسات الحوار الوطني. وذهبت «الجبهة الشعبية» إلى حد اتهام حركة «النهضة» التي تقود الائتلاف الحكومي، بفرض جمعة باعتباره «مرشحها» وتجاهل ضرورة التوافق عليه، وذلك عبر اختياره بالتصويت في جلسة الحوار. وكان «الرباعي» الراعي للحوار الوطني في تونس أعلن أول من أمس، توصل جلسات الحوار إلى اختيار جمعة وهو وزير الصناعة في الحكومة التي تقودها «النهضة»، لرئاسة حكومة الكفاءات التي يفترض أن تنهي الأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ أكثر من أربعة أشهر اثر اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي. وأتى الإعلان عن اختيار الوزير المستقل، بعد شهرين من انطلاق جلسات الحوار الوطني التي يشرف عليها «الرباعي» (اتحاد الشغل واتحاد رجال الأعمال وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان) بهدف اختيار رئيس حكومة، والتي شهدت تجاذبات كبيرة بين الموالاة والمعارضة. وعلى رغم أن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) حسين العباسي أعلن أن الرئيس منصف المرزوقي سيكلف جمعة رسمياً بتشكيل الحكومة، فإن أحزاباً في المعارضة عبرت عن رفضها للطريقة التي تم بها الاختيار. وقال الناطق باسم «الجبهة الشعبية» (تحالف اليسار والقوميين) حمة الهمامي ل «الحياة» إن «مهدي جمعة هو مرشح النهضة وتم اختياره بالتصويت في حين أن الحوار الوطني يستوجب توافق كل الأطراف السياسية». واعتبر أن اختيار وزير من حكومة «الترويكا» هو «مواصلة لسياسة الفشل والمحاصصة». وحظي جمعة بدعم تسعة أحزاب في مقابل حزبين دعما وزير المال السابق جلول عياد، في حين امتنعت سبعة أحزاب تشكل جبهة الإنقاذ المعارضة، عن التصويت. واعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة «النهضة» الإسلامية عامر العريض في تصريح إلى «الحياة»، أن المرحلة الأولى من الحوار الوطني انتهت باختيار رئيس جديد للحكومة و «على الأطراف السياسية مساعدة الحكومة العتيدة للنجاح في مهمتها وهي ضبط الأمن ومكافحة الإرهاب والنهوض بالاقتصاد وتهيئة الظروف الملائمة لإنجاح الانتخابات المقبلة». ويعتبر جمعة من الوزراء التكنوقراط في الحكومة الحالية ومن المقربين من حزب «التكتل» (علماني) المشارك في الائتلاف الحاكم، كما يحظى بدعم «النهضة» والاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد رجال الأعمال. وجمعة متحدر من محافظة «المهدية» في الساحل الشرقي للبلاد ومتحصل على شهادة هندسة عام 1988. وشغل منصب مسؤول مكتب الدراسات في مجال الطيران والسكك الحديد والصناعة، كما عيّن على رأس شركات في البلاد وخارجها، وتولى وزارة الصناعة في حكومة علي العريض في آذار (مارس) 2013.