احتفلت مصر، صباح اليوم (السبت) بتعامد الشمس على 3 معابد أثرية، أحدهما بمدينة الفيوم (وسط)، والإثنين الآخرين في مدينة الأقصر (جنوب)، في ظاهرة فلكية تحدث مرة واحدة سنوياً وتحديداً يوم 21 كانون الأول (ديسمبر) أي مع بدء فصل الشتاء، وهو ما أسماه الفراعنة ب«الانقلاب الشتوي». وشهدت احتفاليتي قصر «قارون» في الفيوم ومعبد «الكرنك» في الأقصر، اللتين أقيمتا بشكل منفصل، حضوراً لافتاً لوزراء ومسؤولين حكوميين، فضلاً عن مشاركة فنانين وإعلاميين وسائحين، فيما لم يشهد معبد الدير البحري في الأقصر أي احتفالات رسمية بالظاهرة. وأحيت الأقصر مع شروق شمس السبت الاحتفال بتعامد الشمس على قدس الأقداس الإله آمون، بمعبد الكرنك، وسط أجواء احتفالية حضرها مصريون ومئات السائحين، لإعلان بدء فصل الشتاء، وهو ما أسماه الفراعنة ب«الانقلاب الشتوي»، وتكرر مشهد التعامد كذلك على معبد «الدير البحري» (جتشبسوت) بالأقصر. أجواء البرد القارص، التي تشهدها مصر حالياً، لم تمنع السائحين من الحضور قبل موعد شروق الشمس بنحو ساعة كاملة أمام معبد الكرنك لانتظار حدث، يكشف عن قدرة الفراعنة على حساب فلكي هندسي لحركة الأرض حول الشمس، ومن ثم بناء المعبد وفق هذه الحسابات ليمثل اليوم بشروق الشمس على وجه أمون بداية فصل الشتاء، وهو ما يشير لدقة الحسابات على مر السنين. ويفسر علماء الفلك تلك الظاهرة بأن محاور معبدي الكرنك والدير البحري (حتشبسوت) تتجه ناحية الأفق الذي تشرق منه الشمس في هذا يوم المسمى بالانقلاب الشتوي ما يعني بدء فصل الشتاء. من جانبه قال محافظ الأقصر طارق سعد الدين لوكالة الأناضول إن مثل تلك الفعاليات تسهم في جذب عدد كبير من السائحين، معرباً عن تفاؤله بمستقبل الأقصر ومصر بشكل عام. وأضاف: «نسعى من خلال هذه الفاعلية إلى أن نؤسس لأجندة واضحة وهي أن تشهد الأقصر احتفالات ومهرجانات دورية بحيث لا يمر شهر من دون حدث، وهو ما سيساعدنا على جذب أكبر عدد من الزائرين، ما سيثري الحياة السياحية في مصر». وأشار إلى أن الفعالية أوضحت لسفراء الدول الغربية بمصر مدى الاستقرار الذي تتمتع به مصر، مستشهداً بإرسال بعض الدول خبراء أمنيين وتأكدوا من أمن واستقرار المحافظة. ووجه المحافظ حديثه للسائحين قائلاً: «مرحباً بكم في الأقصر وبلادنا مستقرة وإذا لم تأتوا ستفوت عليكم أحداثاً تاريخية لمدينة تضم ثلث أثار العالم وهي عاصمة الآثار في مصر وعلى مستوى العالم». المتشوقون لرؤية تمثال آمون مضيئاً جلسوا أرضاً في صفوف متدرجة أمام قدس الأقداس، فيما فضل آخرون الاقتراب على جنبات الطريق المؤدي إليه، إذ امتزجت اللهجات العربية بالغربية لترسم مشهداً ينتظر أصحابه لحظة الشروق بخلاف أي يوم عادي. ومع الاقتراب من لحظات الشروق، تساءل الحضور عن الإعجاز في شروق الشمس على 3 أماكن بذات الوقت إلى جانب اللحظة التي تشرق فيها على وجه أمون، إذ تشرق على الدير البحري الذي بنته الملكة حتشبسوت في الأقصر وكذلك في الفيوم. «نتالي»، سائحة لبنانية، قالت لوكالة الأناضول إنها قطعت وزوجها رحلة قصيرة للغردقة (جنوب شرق) من أجل زيارة الأقصر ومشاهدة الحدث التاريخي، مشيرة إلى أن تلك الأحداث تؤكد أن القدماء المصريين سبقوا العالم - ليس بحضارتهم فقط - ولكن ببراعتهم في مختلف الفنون. من جانبها، قالت ماري، التي تبلغ 41 عاماً وقدمت من لندن، إنها المرة الأولى التي ترى فيها تعامد الشمس في مصر رغم أنها زارتها مرات عدة، ووصفت الحدث بأنه رائع (..) بل أكثر من رائع. شعرت بمتعة خلال متابعتها له. فيما قالت «لالينا»، القادمة من هولندا، إنها شعرت بالسعادة والأمن خلال زيارة الأقصر، مستنكرة الحديث عن الإرهاب في مصر. فيما استمر تعامد الشمس علي معبد قصر «قارون»، مدة 25 دقيقة في الفيوم، وسط وسط حضور وزراء ودبلوماسيين وفنانين. وتعامدت الشمس على المقصورة الرئيسية واليمنى بالقصر، ولم تتعامد على المقصورة اليسرى، وهو ما أرجعه باحثون، إلى أن هذه المقصورة كانت بها مومياء التمساح رمز الإله «سوبك»، والذى لا يمكن تعريضه للشمس حتى لا تتعرض المومياء للأذى. ومعبد قصر «قارون»، يعود إلى العصر اليوناني الروماني ولا علاقة له بقارون الذى جاء ذكره في القرآن الكريم، بحسب ما قال مدير عام الآثار بالفيوم أحمد عبد العال. وأوضح أن القصر خُصص لعبادة الإله «سوبك" و«ديونيسيوس» (إله الخمر والعربدة عند الرومان)، مشيراً إلى أن سكان المنطقة في العصور الإسلامية أطلقوا عليه تسمية قصر «قارون» لوجوده قرب بحيرة قارون، والتي عرفت بهذا الاسم لكثرة القرون والخلجان بها فأطلق عليها فى البداية بحيرة «القرون»، قبل أن يحرف الاسم إلى بحيرة «قارون». وقال وزير السياحي المصري هشام زعزوع، في كلمة له خلال الاحتفالية، إن وزارته بصدد حصر جميع مناطق الجذب السياحي في الفيوم ومن ثم القيام بتنميتها وعرضها للزائرين لزيادة أعداد الزائرين، وسيتم وضع المدينة على خريطة السياحة العالمية من خلال الاحتفال بتلك الظواهر الفلكية الكبيرة.