ظهر تسجيل فيديو على الانترنت الأسبوع الماضي يصور رجلاً ملثماً في سورية يتحدث بلكنة الطبقة العاملة في بريطانيا، داعياً مسلمين بريطانيين للسفر إلى هناك والانضمام لواحدة من أكثر الميليشيات الإسلامية تشدداً للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. ومدة الفيديو ثلاث دقائق وتعرض صوراً للرجل وهو يحشو مسدس برصاص قال انه حصل عليه من الجيش السوري الحر المعتدل الذي يدعمه الغرب. ويقول في إطار حضّه مواطنيه البريطانيين وتشجيعهم على القتال: «أين أنتم وهم يذبحون اطفالنا وآباءنا ؟». وبعد ان يطلق الرجل عدة رصاصات في الهواء ينهي حديثه قائلاً: «ادعوكم جميعاً لأرض الجهاد.» ويبرز الفيديو - الذي بث على يوتيوب في السابع عشر من الشهر الجاري وتدرسه وكالات استخبارات غربية - ما يقوله مسؤولون أمنيون عن اضطلاع مقاتلين أجانب بينهم أوروبيون بدور كبير في الصراع في سورية. ويقول مسؤولون بريطانيون وأميركيون إن عدد المواطنبن البريطانيين الذين سافروا الى سورية للإنضمام لمعارضي الحكومة - معظمهم من الجماعات الأكثر تشدداً - يقدر ببضع مئات. وفي الاسبوع الماضي اذاعت قناة «سكاي نيوز» البريطانية تقريراً ضم لقاءات مع ما وصفته «بكتيبة جهادية بريطانية لم تكن معروفة من قبل» تقاتل مع معارضي الحكومة في شمال سورية قرب الحدود التركية. وأكثر ما يقلق المسؤولين البريطانيين ان يعود المواطنون الذين قاتلوا في سورية اكثر تشدداً مع اتقانهم مهارات قتالية جديدة وصلات مباشرة بتنظيم «القاعدة» والجماعات التابعة له. ويعتقد ان السلطات البريطانية تحقق في عدة مؤامرات إرهابية محتملة ضالع فيها مقاتلون اجانب سابقون في سورية. وبثت الفيديو الذي لم يتسن التحقق منه من مصدر مستقل جماعة راية التوحيد، ويقول ليث الخوري من «فلاش بوينت بارتنرز» التي تراقب مواقع المتشددين على الانترنت لعملاء من القطاع الخاص والحكومة الاميركية إن جماعة راية التوحيد تقول إنها توزع مواد باللغة الانكليزية تنتجها «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، وهي واحدة من مجموعتين يصفهما مسؤولون اوروبيون وأميركيون بأنهما الاكثر تشدداً في سورية. وقال الخوري ان جماعة راية التوحيد التي بثت احدث فيديو ظهرت لأول مرة الشهر الحالي وان الكثير من المواد التي وزعتها «شديدة التطرف وتشمل صوراً مفزعة لذبح وقتل جنود سورييين». واضاف: «نشرت الجماعة صوراً لمقاتلين شيعة مقتولين وكتبت تحتها انها صور سياحية». ويصعب على وكالات امنية متابعة سفريات مواطنين بريطانيين واوروبيين من وإلى سورية، نظراً لكثرة الطرق وقلة النقاط الحدودية بين الدول التي تنتمي للاتحاد الأوروبي. ويقول مسؤولون غربيون انهم يخشون ان سورية اضحت الآن جبهة محورية للاسلاميين المتشددين لبسط نفوذهم ونشر ايديولوجيتهم. الى ذلك، تسلم مسؤولون في السفارة البريطانية في بيروت بعد ظهر أمس جثة الطبيب البريطاني عباس خان الذي توفي في سجن سوري بعد سنة من الاعتقال، بحسب ما ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تولت عملية التسليم. واشارت وزارة الخارجية السورية الى ان التقرير الطبي يقول ان سبب الوفاة هو «الاختناق بالشنق وان عملية الشنق كانت ذاتية اي ان من قام بها هو الشخص نفسه بقصد الانتحار». لكن وزيراً بريطانياً اتهم دمشق الثلثاء بأنها اغتالت «عملياً» الطبيب البالغ من العمر 32 عاما، والذي كان محتجزاً لدى السلطات السورية منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2012. كما حمّل «المرصد السوري لحقوق الانسان» نظام الاسد مسؤولية وفاة الطبيب، مرجحاً ان تكون حصلت «تحت التعذيب». وكان خان يعمل مع منظمة «هيومان ايد يو كاي» البريطانية غير الحكومية وشارك في تدريب اطباء سوريين في تركيا، قبل عبوره الحدود للانتقال الى مناطق خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في حلب في شمال سورية، حيث ساهم في معالجة الجرحى نتيجة اعمال العنف. واعتبرت «هيومان ايد يو كاي» ان «من غير المفهوم كيف ان طبيباً وهو أب لولدين، يقدم على الانتحار في وقت كان يأمل بالافراج عنه بعد ايام قليلة».