أنهى الأوروبيون والأميركيون الجولة الثالثة من مفاوضاتهما التجارية، وأكدوا في ختام اجتماعات عقدوها في واشنطن أن الاتفاق على حرية التبادل «لن يكون مرادفاً لتعطيل معمم للأطر الناظمة للتجارة على جانبي الأطلسي». وقال كبير المفاوضين الأوروبيين إيناسيو غارسيا برسيرو في واشنطن في ختام الجولة الثالثة من المحادثات، إن «تعطيل الأطر الناظمة ليست هدف الاتفاق التجاري عبر الأطلسي ولن تكون كذلك». وشدد نظيره الأميركي دان مولاني، على أن المحادثات «كانت تهدف قبل أي أمر آخر إلى إزالة خلافات لا طائل منها» بين جانبي الأطلسي. ودخل الأوروبيون والأميركيون منذ تموز (يوليو) الماضي في مفاوضات تجارية واسعة، ترمي إلى إنشاء إحدى اكبر مناطق التبادل الحر على الأرض، أملاً في تنشيط اقتصاداتهم. وقال غارسيا برسيرو: «سنبقى على سكة المسار للتوصل إلى اتفاق طموح». واستحوذت الحواجز القانونية الكابحة للتبادل التجاري على معظم المحادثات، ما يثير قلق المجتمع المدني، علماً أن التعرفات الجمركية ضعيفة على جانبي الأطلسي. وكانت المنظمة الأميركية غير الحكومية «بابليك سيتيزن» أبدت لدى انطلاق الجولة الجديدة للمحادثات تخوفها من ارتكاز الاتفاق على «أصغر عامل مشترك» لوضع قوانين مشتركة. ويتعلق أشد المخاوف بقطاع الزراعة، وتحديداً تلك المعدلة وراثياً والمؤطرة في شكل صارم في أوروبا، لكنها منتشرة على نطاق واسع في الولاياتالمتحدة. ورد غارسيا برسيرو في مؤتمر صحافي، أن هذه المفاوضات «لن تتضمن خفضاً أو إنكاراً للمعايير الأكثر حماية للمستهلك والبيئة والحياة الخاصة والصحة وقانون العمل». وأفاد الطرفان بأن مواضيع كثيرة نوقشت خلال الأسبوع، بدءاً من المواد الأولية وصولاً إلى حقوق الملكية الفكرية ومروراً باستدراج العروض العامة. لكن لم تكشف النقاط المحددة في النقاش ما يغذي الانتقادات المتعلقة بغياب الشفافية. وأكد مولاني ضرورة «إعطاء المفاوضين المجال الضروري لإجراء محادثات صريحة»، مشدداً في الوقت ذاته على السعي إلى تأمين «أقصى درجات الشفافية». والتأكيد الوحيد الذي أبرزه نظيره الأوروبي، هو أن حماية المعطيات الخاصة على الإنترنت وهي مسألة حساسة منذ اندلاع الفضيحة التي تلت الكشف عن حجم التجسس الأميركي، «لن تُدرج في المفاوضات التجارية». وأمل غارسيا برسيرو في أن «يكون لدى الشركات الأوروبية الضمانة التي تمكنها من دخول سوق الطاقة الأميركية التي تزدهر بفضل الغاز الصخري. وسعى مفاوضو الجانبين أيضاً إلى إزالة جدل آخر حول آلية حماية المستثمرين، التي ستدخل في الاتفاق المقبل حول حرية التبادل. ولم تُخفِ 180 منظمة غير حكومية ونقابة تخوفها، وعبّرت عن ذلك في رسالة نُشرت الاثنين الماضي، وتتمثل هذه المخاوف في أن تشكل هذه الآلية «إساءة إلى العملية الديموقراطية» من خلال السماح للشركات بالطعن أمام القضاء في التدابير التي تتخذها الدول لحماية البيئة أو الصحة العامة. وأعلن غارسيا برسيرو «النظر في هذه المخاوف بجدية كبيرة»، مؤكداً ضرورة أن تكون هذه الآلية «محددة بوضوح كبير» لتجنب أي تفسير «اعتباطي». وذكر المفاوض الأميركي أن الولاياتالمتحدة «لن تساوم في شأن حق الدول في التحرك لمصلحة شعوبها». وللمرة الأولى منذ بدء المحادثات، لم يضطر المفاوضون إلى الإجابة عن أسئلة حول الفضيحة المتعلقة بالتجسس الأميركي، التي هددت بتعطيل المحادثات خلال الجولتين السابقتين في تموز ومنتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضيين. واعتبر محرّكوها أن التوصل إلى اتفاق على حرية التبادل الأميركي- الأوروبي، سيسمح بتنشيط الاقتصاد على جانبي الأطلسي، كما سيدر نحو 119 بليون يورو سنوياً للاتحاد الأوروبي، وسيرفع الصادرات إلى الولاياتالمتحدة بنسبة 28 في المئة، استناداً إلى دراسة بريطانية ارتكزت إليها المفوضية.