بعد أسبوع من مراسم تشييع الزعيم الجنوب افريقي الراحل نيلسون مانديلا ودفنه، والتي غاب عنها كبار المسؤولين الإسرائيليين، كشفت وثيقة سرّبتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الجمعة أن مانديلا الذي ناضل ضد نظام الفصل العنصري في بلاده في خمسينات القرن الماضي، خضع لتدريب عسكري على يد عناصر من جهاز الموساد في إثيوبيا عام 1962 قبل أشهر قليلة من اعتقاله في جنوب افريقيا. وصحيح أن الفترة التي تتحدث عنها الوثيقة هي الفترة التي كان مانديلا يناضل فيها ضد نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا حليف إسرائيل، إلاّ أنه يتّضح من تفاصيل الوثيقة أن مانديلا الذي كان مناصراً للقضية الفلسطينية، لم يكشف عن هويته للموساد وكان يحتاج إلى تدريب عسكري من أجل دعم نشاط الجناح العسكري ل"المؤتمر الوطني الإفريقي" الذي كان يرأسه. وأوضحت الصحيفة أنها حصلت على وثيقة مصنّفة "سرّية للغاية" مما يسمّى "أرشيف دولة إسرائيل" تكشف أن مانديلا فرّ من جنوب افريقيا في كانون الثاني (يناير) 1962، وزار دولاً افريقية عدة بينها إثيوبيا والجزائر ومصر وغانا، وكان هدفه لقاء زعماء هذه الدول وحشد دعم مالي وعسكري للجناح العسكري ل"المؤتمر الوطني الإفريقي" الذي كان سرياً آنذاك. وأشارت الصحيفة إلى أن الوثيقة هي رسالة مؤخرة في 11 تشرين الأول (أكتوبر) 1962، وجّهها جهاز الموساد إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية وسفير إسرائيل في إثيوبيا آنذاك شمويل ديبون، وتتضمن تفاصيلاً عن التدريب العسكري الذي تلقاه مانديلا الذي لم يفصح عن هويّته لعناصر الموساد وقال إن اسمه ديفيد موبساري. والرسالة وجّهت بعد شهرين على اعتقال مانديلا في جنوب إفريقيا ويوضح الموساد فيها أنه لم يعرف هوية الرجل الذي خضع للتدريب إلاّ عند اعتقال مانديلا حين تبيّن أنهما شخص واحد. وتوضح الرسالة أن مانديلا حضر إلى السفارة الإسرائيلية في إثيوبيا وطلب الحصول على التدريب وأنه تلقّى تدريباً من عناصر الموساد في الجودو واستعمال السلاح وعمليات التخريب. وأضافت أنه "أظهر اهتماماً بوسائل الهاغانا وغيرها من الحركات الإسرائيلية السرية. وحيّا رجالنا بعبارة شالوم (التحية بالعبرية)، وكان مطّلعا على مشاكل اليهود وإسرائيل وأعطى انطباعاً بأنه مثقّف. وحاول الفريق إقناعه بأن يصبح صهيونياً". وقالت الرسالة إن الأحاديث التي أجراها مانديلا مع العناصر أظهرت ميله إلى الفكر الشيوعي. وأشارت "هآرتس" إلى أن الرسالة بقيت لعقود في "أرشيف دولة إسرائيل" ولم يتم الكشف عنها. واكتشفها قبل أيام شخص يجري بحثاً عن جنوب افريقيا لأطروحة الماجيستير في الجامعة العبرية. ولم يشارك في جنازة مانديلا، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لأسباب قال مكتبه إنها "مالية" ولا الرئيس شمعون بيريز لأسباب "صحية"، ومثّل الدولة العبرية في المناسبة رئيس الكنيست يولي إدلشطاين. ووري مانديلا الثرى الأحد في مسقط رأسه كونو وسبق ذلك بأيام تأبين رسمي شارك فيها كبار زعماء العالم.