في وقت التزمت إسرائيل الرسمية الصمت إزاء اعتقال السلطات البولندية قبل عشرة أيام عنصر جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «موساد» أوري برودسكي المشتبه بضلوعه في اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمود المبحوح في دبي مطلع العام الحالي، أفادت وسائل إعلامها بأن وزارة الخارجية تبذل «جهوداً كبيرة» لإقناع الحكومة البولندية بعدم تسليم الإسرائيلي للسلطات الألمانية التي سبق أن أصدرت مذكرة توقيف بحقه بناء على معلومات نشرتها سلطات دبي عن عشرات المتورطين في اغتيال المبحوح. وتشتبه السلطات الألمانية بأن برودسكي حصل على جواز سفر ألماني بصورة غير مشروعة لأحد أعضاء فريق «موساد» الذي قتل المبحوح. واكتفت وزارة الخارجية الإسرائيلية بتأكيد نبأ اعتقال إسرائيلي في بولندا وأن القنصل الإسرائيلي في وارسو مهتم بالقضية، من دون أن تشير إلى أسباب الاعتقال أو طلب المانيا تسليمه لها. وآثر مكتب رئيس الحكومة المسؤول عن عمل «موساد» عدم التعقيب. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن أكثر ما تخشاه إسرائيل هو أن تقوم المانيا في حال تسلمها الإسرائيلي (بناء لاتفاق تسليم بين ألمانيا وبولندا ومعاهدات أوروبية ملزمة) بتسليمه لسلطات دبي. واتفقت التعليقات الإسرائيلية على توصيف القضية ب «ورطة إسرائيلية»، مشيرة إلى العلاقات الحميمية بين الدولة العبرية وكل من ألمانيا وبولندا. وأعرب بعضها عن مخاوف إسرائيل من أن تمس هذا القضية بالعلاقات مع برلين. وقال مصدر بولندي لصحيفة «هآرتس» إن وارسو تشعر بالإرباك «وعالقة بين دولتين تعتبرهما صديقتين لها». وأشارت الصحيفة إلى المواقف البولندية المؤيدة لإسرائيل في المحافل الاوروبية والدولية في مقابل بيع إسرائيل أسلحة لبولندا «فضلاً عن العلاقات الوطيدة بين أجهزة الاستخبارات في البلدين». ولفتت الصحف إلى حقيقة أن اغتيال المبحوح كلف إسرائيل ثمناً ديبلوماسياً تمثل بطرد مندوبي «موساد» من كل من بريطانيا واستراليا فيما تدرس ايرلندا اتخاذ خطوات مماثلة مثل منع الملحق العسكري الإسرائيلي من دخول أراضيها. وكتبت «هآرتس» أن العالم بدأ يستاء من أفعال إسرائيل التي ترتسم لها صورة «بلطجي الحارة» وتتجاهل الأعراف الدولية «إلى درجة أن صديقاتها الأقرب من أمثال استراليا وألمانيا وفرنسا تجد من الصعب الدفاع عنها وتبرير تأييدها لها في أوساط الرأي العام في بلادها». واكدت النيابة الإقليمية في وارسو أمس توقيف برودسكي. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الناطقة باسم النيابة مونيكا ليفاندوفسكا قولها ان المشتبه به اعتقل في الرابع من حزيران(يونيو) الجاري في مطار وارسو. وأضافت: «كان مطلوباً بموجب مذكرة توقيف أوروبية أصدرها القضاء الألماني وترتبط باغتيال المبحوح... وأخضعته المحكمة الإقليمية في وارسو للاستجواب في شأن تزوير وتورط في صنع وثائق ألمانية مزورة».