شهدت مدينة صيدا أمس إجراءات أمنية واسعة ومشددة من الجيش اللبناني وُصفت بأنها «وقائية لحماية الوضع الأمني» من أي عمليات أمنية أو تفجيرات. ونفذت وحداته انتشاراً واسعاً في العديد من شوارع المدينة وضواحيها وبعض الأحراج، وقامت بمداهمات بحثاً عن مطلوبين، واستعانت بأكثر من طائرة استطلاع من دون طيار لاقتفاء أشخاص فارين مرتبطين بالمجموعتين اللتين اصطدمتا بحاجزين للجيش في المدينة ليل الأحد – الإثنين الماضي، ولاقتفاء آثار بعض مناصري الشيخ أحمد الأسير. وإذ أوقف الجيش الذي سيّر دوريات مؤللة في الكثير من المناطق في المدينة وعلى تخومها، عدداً من الأشخاص عرف منهم أربعة، فإن تنفيذه العملية التي بدأت فجرا وانتهت في أولى ساعات بعد الظهر، هدف الى البحث عن مجموعات مسلحة تردد أنها مختبئة في بساتين ومغاور في بعض المناطق التي جرى تمشيطها، وأقيمت فيها حواجز ظرفية. وشملت إجراءات الجيش قرى ومناطق شرق صيدا، في كفرفالوس وبسري ووادي بقسطا بحثاً عن مطلوبين، مدعوماً بفوج التدخل وتحليق إحدى المروحيات. وذكرت مصادر إعلامية أن الموقوفين معروفون بانتمائهم الى أنصار الشيخ الأسير، وتم التحقيق معهم حول ما يعرفونه عن تحركات المجموعات التابعة له. وتردد أن الجيش يبحث عن 20 شخصاً لبنانياً وفلسطينياً. وصدر عن قيادة الجيش البيان الآتي: «في إطار الإجراءات الأمنية الوقائية التي يتخذها الجيش في مختلف المناطق اللبنانية، نفذت وحدات من الجيش قبل ظهر اليوم (أمس) مدعومة بطائرة استطلاع، عملية تفتيش واسعة في البساتين والأودية والأحراج الواقعة شرق مدينة صيدا، بحثاً عن وجود مسلحين أو مخابئ أسلحة أو فارين من العدالة. وأسفرت العملية عن توقيف خمسة أشخاص مشتبه بهم، حيث جرى تسليمهم الى المراجع المختصة، وبوشر التحقيق معهم بإشراف القضاء المختص». وحذرت مصادر أمنية من مخطط لتحويل صيدا الى ميدان صدامات شبيه بما حصل في طرابلس عبر جرّ الأطراف والتيارات السياسية فيها الى التناحر عبر استهداف جهات في المدينة وتنفيذ اغتيالات، مشيرة الى أن إجراءات الجيش هدفها إحباط هذا المخطط وقد نجح في ذلك. وفيما أشارت المصادر الى جهات في مخيم عين الحلوة (جند الشام) متعاونة مع هذا المخطط مع جماعة الأسير، عقدت النائب عن صيدا بهية الحريري اجتماعاً مع اللجنة اللبنانية – الفلسطينية للحوار في المدينة حضره ممثل عن رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة وممثل «الجماعة الإسلامية» في المدينة وفاعليات، وصدر عن المجتمعين بيان دانوا فيه الاعتداء على الجيش اللبناني وأكدوا التضامن مع المؤسسة العسكرية. وقالت الحريري: «الحادث (الاعتداء على الجيش) ألقى الكثير من التساؤلات بالنسبة الى المدينة لكنها لم تضيع بوصلتها وهي دعمها الشرعية والدولة وعدم السماح بالمسّ بها أو بتفكيكها»، مشددة على دعم الجيش والقوى الأمنية. وطالبت الحريري بتحقيق عادل وشفاف لجلاء ملابسات القضية. وقالت مصادر صيداوية إن لا لبس بحصول اعتداء على الجيش، لكن بعض أهالي القتلى الأربعة الذين اصطدموا بالجيش، لا سيما على حاجز مجدليون أفادوا بأن جثث أبنائهم تدل على أنهم أصيبوا بالرصاص، فيما قال بيان الجيش إن أحدهم احتضن الرقيب سامر رزق وفجر نفسه بقنبلة يدوية وقتلا معاً... وإن المطالبة بالتحقيق تعود الى هذا السبب لجلاء الحقائق... ورفضت المصادر التركيز على مخيم عين الحلوة بما أن أحد القتلى من المخيم. وشددت على استنكار أهل المخيم الجريمة ودعمهم الجيش، فيما قال أمين سر حركة «فتح» ومنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات إثر اجتماع الفصائل الفلسطينية مع الحريري، إن «الجيش اللبناني ضمانة الأمن والاستقرار». وأكد الاستعداد لتسليم أي متورط. وعلى الصعيد السياسي، شنّت كتلة «الوفاء للمقاومة» (نواب حزب الله) هجوماً عنيفاً أمس على قوى 14 آذار متهمة إياها ب «التوظيف الرخيص للعدوان الإرهابي على لبنان عبر ابتداع تبريرات واهية وأسباب تخفيفية وعبر توفير البيئة الحاضنة للمنفذين وتسعير الخطاب الغرائزي». وصنفت الكتلة 14 آذار في خانة «الشركاء للإرهابيين». وفيما لم تشر الكتلة الى السيارة المفخخة ضد مركز تبديل للحزب في البقاع ليل فجر الثلثاء الماضي، اعتبرت أن استهداف الجيش باعتداءين انتحاريين عند حاجز الأولي ومجدليون ومواصلة الإرهابيين إرسال السيارات المفخخة الى المناطق اللبنانية الآمنة، تطور إرهابي خطير يستند تنفيذه الى احتضان مريب يوفره فريق 14 آذار للإرهابيين التكفيريين. وهاجمت الكتلة «تعمّد فرقاء 14 آذار اتهام الجمهورية الإسلامية الإيرانية زوراً بالتدخل في شؤون لبنان الداخلية»، معتبرة أنه أسلوب «ماكر وخبيث». وإذ جاء هذا الموقف غداة تسريبات عن بحث قيادات قوى 14 آذار فكرة التوجه الى الدول الكبرى وإيران لإسماعها وجهة نظرها من الوضع اللبناني، طالبت كتلة نواب «حزب الله» بتأليف حكومة «إنقاذ وفق معادلة 9-9-6 المخرج الوحيد الآمن».