أكدت السلطات اليمنية أنها في صدد تطبيق إجراءات أمنية في حضرموت (شرق) في سياق مساعيها لامتصاص غضب «الهبة الشعبية» التي أعلنت مكونات قبلية وسياسية إطلاقها اليوم، وتداعت إلى تأييدها مختلف القوى الجنوبية، في ظل دعوات لضبط النفس وعدم إغراق حضرموت في دوامة الفوضى. وتأتي هذه «الهبة الغاضبة»، بعد اغتيال زعيم قبلي حضرمي في مواجهة مع جنود عند مدخل مدينة سيؤون في الثاني من الشهر الجاري، ويدعى سعد بن حبريش ويرأس «تحالف قبائل حضرموت»، في حين كانت السلطات وصفت الحادث بأنه اشتباك مع مسلحي»القاعدة» قبل أن تعود وتعتذر عن تصريحاتها. وأعلن أعضاء حضارم في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء تعليق مشاركتهم فيه ومساندتهم «الهبة»، كما أيدتها فصائل «الحراك الجنوبي»، في حين أوفد الرئيس عبدربه منصور هادي لجنة برئاسة نائب وزير الداخلية اللواء الركن علي ناصر لخشع إلى حضرموت لتلافي الموقف والتوصل إلى حلول للوضع المتفاقم. ونقلت مصادر حكومية أمس عن لخشع قوله إن «اللجنة الأمنية اتخذت قراراً بإعادة النظر في خارطة نقاط التفتيش في حضرموت، وإبقاء النقاط التي تحمي أمن أبناء المنطقة على أن يتولى أبناء حضرموت قيادة تلك النقاط وتخضع تلك لأوامر مدراء عموم المديريات، إضافة إلى إسناد قيادة حماية المنشآت النفطية إلى عسكريين حضارم، ومنح الوظائف في شركات النفط لأبناء حضرموت بنسبة مئة في المئة، ونقل المعسكرات من داخل المدن». ودعا لخشع «العقلاء من أبناء حضرموت إلى عدم الانجرار وراء دعوات الفوضى الساعية إلى زعزعة الأمن والاستقرار»، كما حذر من «مخططات تآمرية سرية تستهدف حضرموت وإلحاقها بما حصل في أبين»، في إشارة إلى عناصر تنظيم «القاعدة». وقال: «هناك تحركات تتم بهذا الخصوص من خارج حضرموت وتشير معلومات إلى دخول مسلحين جاهزين لتفجير الوضع في هذه المحافظة الآمنة». وشهدت مناطق حضرموت توتراً شديداً في اليومين الأخيرين، وسجل ناشطون اعتداءات على مواطنين من المناطق الشمالية وإحراق ممتلكاتهم وسط عمليات نزوح واسعة للأفراد والأسر الشمالية خوفاً من «الهبة الحضرمية». وشدد رجال دين بارزين وقادة المكونات والأحزاب السياسية في حضرموت في بيانات أمس، على ضرورة «التزام السلمية وعدم الاعتداء على المواطنين الشماليين» أثناء الاحتجاجات التي تبدأ اليوم وتشمل العصيان وإغلاق المؤسسات والمصالح ومنع الحركة لمدة أسبوع، كما دعوا إلى «تجنب تخريب الممتلكات الخاصة والمنشآت الحكومية». ويسود القلق والترقب مدن حضرموت قبل ساعات من بدء الاحتجاجات في ظل انتشار أمني وعسكري كثيف، فيما يخشى مراقبون أن تتصاعد الأحداث لتجبر الدولة على فقد السيطرة على حضرموت قبل أن تفقد سيطرتها على باقي مناطق الجنوب، بخاصة في ظل دعوات الكراهية والمناطقية التي تروج لها الأطراف المرتبطة ب «الحراك الجنوبي» الساعي إلى الانفصال عن الشمال. وتنتج حقول حضرموت أكثر من نصف صادرات اليمن النفطية وتحتل أكثر من ثلث مساحة البلاد، في حين تتهم القبائل والمكونات السياسية الدولة بالعجز عن توفير الأمن، وإتاحة ثرواتها النفطية للنافذين الشماليين وتهميش أبناء المنطقة.