تحتل مكتبة فرنسوا ميتران الوطنية موقعاً ضخماً ومميزاً في قلب الدائرة الباريسية الثالثة عشرة، وذلك عبر أربعة أبراج زجاجية يتخصص كل واحد منها في طرح لون محدد من الأعمال الكتابية، هذا عدا عن القاعات الهائلة المخصصة للندوات والمناسبات الأدبية الرسمية والمعارض الفنية. وإلى جوار المكتبة يرتفع مبنى دار سينما «mk2 bibliothèque» وهو يؤوي 14 صالة، أثبتت الإحصاءات أنها الثانية في باريس في ما يتعلق بأرقام بيع التذاكر. الأمر الذي أدى برئيسها جوناتان كارميتز إلى إبداء الرغبة في التوسع، متماشياً مع التيار الحالي في العاصمة الفرنسية والذي يرغب في زيادة عدد دور العرض السينمائية المجهزة بأرقى الوسائل التقنية. وتوجه كارميتز إلى إدارة مكتبة فرنسوا ميتران، طالباً منها التصريح الرسمي بتأجير أربعة من أحلى قاعاتها المخصصة أصلاً لاستقبال المعارض الموقتة، وتحويلها إلى صالات سينمائية مكملة لتلك المتوافرة في المبنى المجاور. وقد تعرض كارميتز في بادئ الأمر للرفض المطلق من قبل الهيئة المختصة، ولكنه لم يتنازل عن فكرته وظل لأكثر من سنتين متتاليتين يقدّم ملفه الخاص بالطلب المذكور، مراراً وتكراراً، معدلاً في مضمونه ومؤكداً نيته في بذل قصارى جهده من أجل استغلال الصالات إياها طبقاً للقواعد النظامية التي تسود المكتبة. وفي نهاية الأمر نجح كارميتز في الحصول على إذن خاص سمح له بفتح أربع صالات سينمائية جديدة في قلب المكتبة، طالما أنه وعد باحترام القوانين الداخلية التي تخضع لها المكتبة بالتحديد، وذلك إضافة إلى شرط آخر لا نقاش فيه يخص نوعية الأفلام المطروحة في الصالات المعنية والتي لا بد من أن تتفق مع روح المكان وهويته، أي أن تكون مستندة إلى أعمال أدبية أو على الأقل ذات مضمون يدعو إلى التفكير، وأن تنتمي إلى دول تسعى إلى الحصول على اعتراف دولي عريض بمواهبها الفنية. وهو يجعل إمكانية تقديم الأفلام الهوليودية في هذه القاعات، مستحيلة. وافتتحت الصالات الأربع أخيراً، وتدل الأرقام الأولى على مدى تهافت الجمهور عليها، على رغم غياب الأفلام الأميركية عن شاشاتها.