لليوم الثالث على التوالي، تواصل سقوط الثلوج على الأراضي الفلسطينية وإسرائيل حيث انقطع التيار الكهربائي عن نحو 35 ألف شخص، واستحالت إمكانية الوصول إلى المنازل بعد أن سدت الثلوج والعربات المعطلة الشوارع. في الوقت نفسه، زاد تساقط الثلوج في قطاع غزة من معاناة السكان، خصوصاً في الأحياء التي غمرتها المياه وأجبرت سكانها على التنقل بالقوارب وإخلاء منازلهم. كما لجأ نحو 5500 مواطناً إلى مدارس حكومية خصصتها الحكومة لإيواء العائلات المتضررة من العاصفة الثلجية التي تسببت بجرح نحو مئة فلسطيني. وتغطي القدس طبقة ثلوج ارتفاعها نصف متر منذ الخميس حين تعرضت المدينة إلى أسوأ موجة تساقط ثلوج منذ 50 عاماً. وتسببت أكوام الثلج التي سدت الطرق بحالة طوارئ، ما دفع السلطات الإسرائيلية إلى رفع الحظر المفروض على سير وسائل النقل العام السبت، وهو يوم العطلة الدينية اليهودية، وسمحت بتسيير القطارات في المدينة بعد إغلاق الطرق السريعة أمام حركة المرور. وتتوقع دوائر الأرصاد الجوية في إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية استمرار العواصف الجوية وتساقط الثلوج ليل السبت - الأحد أيضاً، ما ينذر ببقاء آلاف السكان من دون كهرباء، مع تزايد القلق من أن يؤدي ذلك إلى كوارث إنسانية ووفيات بسبب البرد الشديد. وأرسلت إسرائيل قوات في عربات مدرعة امس لمساعدة أطقم الطوارئ التي تكافح لاستعادة الكهرباء. كما أعلنت الشرطة إغلاق شارع «أيالون»، وهو الشارع الذي يصل الشمال بالجنوب عبر تل أبيب، بعد أن وصل منسوب المياه إلى 50 سنتمتراً تحت الشارع الرئيسي. وعبّر الآلاف من الإسرائيليين عن غضبهم الشديد مع بقاء آلاف البيوت من دون كهرباء بالرغم من أن شركة الكهرباء قامت الشهر الماضي بتمرين تحضيري لمثل هذه الظروف. وقال نائب المدير العام لشركة الكهرباء في حديث تلفزيوني: «نبذل كل ما في وسعنا من أجل الاستجابة لنداءات السكان المتوجهين». وأوضح مسؤول في شركة الكهرباء أن خطوط الهواتف تعطلت بسبب آلاف الهواتف التي وصلتهم خلال ال 24 ساعة الأخيرة. وقام موظفو مكتب «مراقب الدولة» بالتجول في المناطق المتضررة لإعداد ملف عن الشلل الذي أصاب البلاد نتيجة موجة البرد. وقال ناطق باسم الشرطة الإسرائيلية إن رضيعاً من العرب في إسرائيل توفي في مدينة اللد في حريق اندلع بسبب جهاز تدفئة. كما توفي رجل في السادسة والثلاثين من العمر في ريشون ليتسيون وسط إسرائيل بينما كان يحاول إصلاح تسرب من سطح منزله، كما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية. أما في المناطق العربية في إسرائيل، فقال مسؤولون إن الطقس المتجمد عزل أجزاء من منطقة الجليل شمال إسرائيل، بما في ذلك مدينة صفد، حيث حال تراكم الثلوج دون الوصول إلى المستشفى المحلي. وبدأت الثلوج تتساقط في الناصرة، لكنها لم تتراكم. كما تساقطت ثلوج في قرى وادي عارة، وسقط البرد بكثافة في مدن الساحل، واكتست شوارع اللد والرملة حلة بيضاء بسبب تساقط الثلوج. وفي الضفة الغربيةالمحتلة، قطعت الطرق وحرم عدد من المنازل من التيار الكهربائي منذ 48 ساعة، فيما عملت المستشفيات بشكل طبيعي بفضل مولدات كهرباء. أما في مدينة الخليل، فغطت الثلوج الطرق والسيارات والمباني. وقال المواطن أحمد القصراوي (36 عاماً) إنه لم يشهد مطلقاً الثلج يغطي البلاد على هذا النحو. غزة وفي قطاع غزة، أوضح المكتب الإعلامي الحكومي في بيان، «أن عدد الذين تم إيواؤهم حتى الظهر وصل الى 5500 شخص، أي نحو 1200 عائلة، بعد أن غرقت منازلهم بمياه الأمطار». وأكد مسؤولون في الدفاع المدني انه يجري العمل لإجلاء عشرات العائلات الذين حجزوا في بيوتهم التي غمرتها مياه الأمطار التي وصلت إلى مستوى يزيد عن مترين في منطقة حي النفق شمال شرق مدينة غزة. وذكر المكتب الإعلامي الحكومي أن «عشرات المنازل غرقت في قرية قرب دير البلح (جنوب) بفعل تدفق المياه بعد أن فتحت إسرائيل السدود قرب الحدود شرق القطاع في وادي السلقا». وقالت مصلحة «مياه بلديات الساحل» في غزة في بيان ان «هناك اكثر من 15 منطقة في حالة غرق شديد في قطاع غزة». وأشارت إلى «إدخال اربع مضخات شفط مياه أمس عبر معبر كرم ابو سالم بالتنسيق مع منظمة يونيسيف ومكتب الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية، تم توزيع مضختين اثنتين لمدينة غزة، وواحدة لخان يونس، وواحدة لرفح (جنوب)» لسحب المياه المتجمعة داخل أو في محيط تجمعات سكانية، والتي وصل منسوبها لأكثر من مترين في بعض المناطق. وقام رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية بزيارات تفقدية إلى عدد من المنازل المتضررة ومدارس إيواء في القطاع. وأجرى أمس اتصالين هاتفيين مع الأمين العام للجامعة العربية والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي ناشدهما «التدخل لرفع الحصار وإغاثة غزة». كما بدأت «حماس» بحملة في عشرات المساجد في قطاع غزة لجمع التبرعات ومساعدات لصالح العائلات المتضررة بالعاصفة. ومنذ ساعات الفجر، يقوم ناشطون من «حماس» و «الجهاد الإسلامي» ولجان المقاومة الشعبية ومؤسسات إغاثية محلية بتوزيع مساعدات غذائية وأدوية وبطاطين وأغطية للأسر التي تم إيواؤها في مدارس حكومية. من جانبه، قال الناطق باسم وزارة الصحة الطبيب اشرف القدرة في بيان، إنه بسبب العاصفة الثلجية «نقل 96 مواطناً إلى المستشفيات لتلقي العلاج إثر إصابتهم بجروح مختلفة بسبب غرق منازلهم بعد طمرها بمياه الأمطار، منهم 40 مصاباً منذ الليلة الماضية». وأشار إلى أن «أربعة من المصابين في حال خطرة». وناشد رئيس سلطة البيئة في حكومة «حماس» إبراهيم رضوان المنظمات الدولية، خصوصاً الأممالمتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، «الإسراع في إرسال الكباشات (حفارات) ومضخات الشفط والوقود لقطاع غزة لإنقاذ المناطق المنكوبة». وتابع أن العاصفة أدت أيضاً إلى إغراق عشرات السيارات واقتلاع عشرات الأشجار الكبيرة في الطرقات العامة، فيما حذرت وزارة الزراعة في غزة من «الآثار المدمرة لموجة الصقيع المصاحبة للعاصفة الثلجية على المزروعات».