تبلّغ لبنان من رئيس الحكومة الايطالية انريكو ليتا عزم بلاده على تنظيم مؤتمر لدعم الجيش اللبناني والقوات الأمنية اللبنانية مطلع العام المقبل، وكذلك عزمها على تقديم مساعدة بقيمة خمسين مليون دولار لدعم جهود اغاثة النازحين السوريين في لبنان والمنطقة». وكان المسؤول الايطالي وصل الى لبنان امس وأجرى محادثات مع رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. وتفقد النازحين السوريين الى مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، وانتقل الى جنوبلبنان وتفقد الوحدة الايطالية العاملة ضمن إطار قوات «يونيفيل». ورافق ليتا في زياراته السفير الايطالي جيوسيبي مورابيتو الى جانب وفد رسمي. وأجرى ليتا مع سليمان محادثات وصفها المكتب الاعلامي في قصر بعبدا بأنها «مفيدة وبناءة، تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين وتطور الاوضاع في المنطقة، وشددا على الحاجة المستمرة الى توفير دعم دولي قوي ومنسق للبنان في مجالات تعزيز الاستقرار ودعم الاقتصاد والقوات المسلحة اللبنانية والجهد القائم لمواجهة معضلة اللاجئين السوريين في لبنان، على ما ذهبت اليه توصيات مجموعة الدعم الدولية للبنان التي تشكلت في نيويورك في 25 ايلول (سبتمبر) الماضي وتبناها مجلس الامن». وأوضح المكتب الاعلامي ان سليمان وليتا بحثا «في موضوع النازحين السوريين، وأكدا اهمية التزام المجتمع الدولي مبدأ تقاسم الأعباء. اما في موضوع دعم القوات المسلحة اللبنانية، فشدد الرئيسان على اهمية دعم قدراتها بصفتها مؤسسة تجسد وحدة الدولة بامتياز وتتكفل المحافظة على الامن». ورحب سليمان ب «استعداد ايطاليا لرفع مستوى دعمها للجيش اللبناني وخصوصاً في مجالي التدريب وتقديم الخبرة العسكرية، وعبر عن تقديره لقرار ايطاليا تنظيم مؤتمر دولي في روما لدعم قدرات القوات المسلحة اللبنانية، بالتنسيق مع منظمة الاممالمتحدةولبنان، على سبيل متابعة تنفيذ توصيات مجموعة الدعم الدولية للبنان». لقاء ميقاتي وعقد ليتا مع ميقاتي اجتماعاً ثنائياً أعقبه اجتماع موسع شارك فيه عن الجانب اللبناني: نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل ووزراء الدفاع فايز غصن والسياحة فادي عبود، والصناعة فريج صابونجيان والاقتصاد نقولا نحاس وشخصيات. وخلال مؤتمر صحافي مشترك، وصف ميقاتي المحادثات بأنها «مثمرة»، وسمع من ضيفه الايطالي تأكيده «دعم لبنان واستقراره وسيادته واستقلاله»، وقال انه شكره على «وجود الكتيبة الايطالية في عداد قوات «يونيفيل» وقيادتها الحالية لهذه القوات وقيامها بالأعمال الموكلة اليها وفق القرار1701 وبأعمال إنمائية ومساعدات اجتماعية في المنطقة التي تعمل بها، وسبق وعملت ايضاً على إزالة الألغام الذي خلفها الاحتلال الإسرائيلي وهذا الدعم مقدر جداً من أهلنا في الجنوب وجميع اللبنانيين». وأشار ميقاتي الى ان البحث تركز على «العلاقات الاقتصادية بين بلدينا وواقع الميزان التجاري بيننا، خصوصاً أن ايطاليا هي الشريك التجاري الأول للبنان، ونحن على يقين بأن الفرص لا تزال متاحة، من خلال تكثيف الزيارات المتبادلة لتنمية العلاقات أكثر فأكثر. وأبلغني ان ايطاليا تعتزم تنظيم مؤتمر لدعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، يعقد قريباً في ايطاليا، إضافة الى الاستعداد لإجراء دورات تدريبية للضباط اللبنانيين على كل المستويات». وعن الوضع في المنطقة، قال ميقاتي ان البحث تناول «النتائج التي تترتب على لبنان جراء الأزمة السورية وتحديداً موضوع النازحين، وأبدى استعداد بلاده لتقديم الدعم اللازم، خصوصاً بعدما زار احد المواقع التي يوجد فيها نازحون سوريون وشاهد بنفسه الحال المأسوية التي يعانون منها، ووعد بالمساعدة على صعيد الاتحاد الأوروبي. وتحدثنا عن النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي وأن مفتاح الحل للوضع في المنطقة ولتحقيق السلام هو حل القضية الفلسطينية». وأكد ليتا سعي ايطاليا «الى تعزيز العلاقات الثنائية، وقررنا ان نقدم مساهمة لدعم تدريب الجيش اللبناني، ونحن عازمون على عقد مؤتمر في روما لترجمة هذا الدعم الثنائي بما يسمح بتدريب القوات المسلحة اللبنانية». وقال انه وعد ميقاتي بأن يرسل الى لبنان وفداً يشرح خطة الخصخصة الايطالية الى الجهات اللبنانية وهذا ينطوي على الكثير من الفرص. وقال إن «التطورات التي جرت على الساحة الايرانية تسعدنا نحن الايطاليين لأن من شأنها أن تساعد على تأمين الاستقرار في المنطقة، ونجدد التزمنا بدعم عملية السلام في الشرق الأوسط». وأوضح ان زيارته كانت مهمة للبنان «لكي أطلع بأم العين على وضع النازحين السوريين ولكي أظهر لحكومة لبنان والجهات المعنية اهتمام ايطاليا على هذا الصعيد والتزامها، وقررنا تقديم مبلغ قدره 50 مليون دولار يخصص لنشاطات الأممالمتحدة لمساعدة السوريين والمجتمع اللبناني الذي يستضيف هؤلاء اللاجئين». وقال: «أعرف مدى الضغط الذي يتعرض له لبنان جراء هذا الوضع، وعلى المجتمع الدولي ان ينخرط أيضاً ويشارك في مساعدة الدول المضيفة ولا سيما لبنان الذي يعاني من الضغوط. وأجدد التزام ايطاليا على هذا الصعيد، ونود ان نرفع الصوت ونقول انه لا يمكننا ان نترك لبنان وحيداً، فكونوا على يقين بأننا سنعمل بجد على هذا المستوى. أما بالنسبة الى العملية السياسية في لبنان فنأمل بالتوصل الى حلول في أقرب فرصة ونؤكد دعمنا الكامل للمؤسسات اللبنانية». وعن استعداد بلاده لاستقبال نازحين سوريين، قال: «ايطاليا تقوم بمهمات على الصعيد الأوروبي، ومن بينها انقاذ حياة مئات المهاجرين الذين يحاولون المغادرة بالقوارب عبر البحر ونقوم بتنظيم عمليات الإنقاذ من خلال برنامج «بحرنا» في البحر المتوسط، وعبر خمس او سبع سفن ايطالية. إذاً، نحن نعمل على اتجاهين، الاول من خلال الدعم المالي المقدم الى الأممالمتحدةولبنان الذي يستضيف هؤلاء اللاجئين، وثانياً من خلال التحضير لعودة اللاجئين السوريين، وإيطاليا تعمل باسم الاتحاد الأوروبي لإنقاذ حياة هؤلاء المهاجرين من خلال عملية «ماري نوستروم» والتي هي مبادرة ايطالية تحظى بتمويل مالي كبير من الجهات الايطالية، ونحن مستعدون للإجابة عن اي أمر يطرحه المجتمع الدولي والأممالمتحدة في هذا الشأن». لقاء بري وبحث ليتا مع بري، في حضور وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال نقولا نحاس والمستشار الإعلامي علي حمدان «العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين، والتطورات في لبنان والمنطقة»، وفق بيان صادر عن المكتب الاعلامي لبري. وجدد ليتا خلال اللقاء «تأكيد اهتمام إيطاليابلبنان، وهي اليوم أكثر من أي وقت مضى تولي اهتمامها به من خلال مشاركتها في قوات يونيفيل وقيادتها، والعمل على زيادة التعاون بين بلدينا في مختلف المجالات»، فيما شكر بري لضيفه دعم بلاده للبنان من خلال مشاركتها في قوات «يونيفيل» وخطوة عقد مؤتمر خاص من أجل دعم الجيش اللبناني، مؤكداً «أهمية تعزيز التعاون وفرص الاستثمار في شتى المجالات بين البلدين». وشكره على ما قدمته ايطاليا وما تقدمه من مساعدات اجتماعية وإغاثية للنازحين السوريين في لبنان»، مشدداً على أن «المساعدة الأهم تبقى العمل من أجل عقد مؤتمر «جنيف 2» للوصول الى حل سياسي للأزمة السورية».