لليوم الثاني على التوالي، سُجّي جثمان بطل النضال ضد التمييز العنصري الرئيس الجنوب أفريقي الراحل نلسون مانديلا في مبنى «يونيون بيلدينغز»، حيث مقر الرئاسة في بريتوريا. واستطاع آلاف من الأشخاص الوقوف أمام النعش للمرة الأولى منذ وفاة مانديلا قبل أسبوع، علماً أن طول صف الانتظار تجاوز كيلومتراً ونصف كيلومتر بعد ظهر أول من امس، ما اضطر قوات الأمن إلى إعادة آلاف المودّعين إلى منازلهم. وأمام مبنى «يونيون بيلدينغز»، غطِّي نصب لمانديلا قرب تمثال قتلى الحربين العالميتين بالزهور والرسائل، وجاء في إحدى الرسائل «تاتا ماديبا العزيز، شكرا لأنك علمتني الصفح والمغفرة». على صعيد آخر، دافع تامسانكا جانتغي، مترجم لغة الإشارة من جنوب أفريقيا الذي اتُّهم باختلاق إشارات غير مفهومة للغة الصم والبكم أثناء مراسم تأبين مانديلا في ملعب «سوكور سيتي» بجوهانسبرغ الثلثاء الماضي، عن نفسه قائلاً إنه «بطل» في إتقان هذه اللغة، وإن أحداً لم يشتكِ منه في مناسبات سابقة، لكنه عانى من نوبة انفصام شخصية خلال الحدث الذي حضره زعماء العالم. وقال جانتغي (34 سنة) لصحيفة «ستار» الجنوب أفريقية: «سمعت أصواتاً وهلوسات على المسرح، ما جعلني أؤدي إشارات عديمة المعنى بالنسبة إلى الصم» الذين اجتاحهم الغضب في العالم. وزاد جانتغي الذي زعم انه يعمل لحساب شركة «إس إي» للمترجمين التي لم يُعرف مقرها: «لم أستطع فعل شيء. كنت وحدي في موقف شديد الخطورة. حاولت أن أسيطر على نفسي وإلا أظهر للعالم ما يحدث. أنا آسف جداً، فهذا ما حصل، لكنني لا أعرف سبب النوبة، على رغم أنني أتناول دواء لعلاج انفصام الشخصية». وتابع: «هذا المرض غير عادل، وأي أحد لا يفهمه يعتقد بأنني فقط ألفق الأمر». وكان ممثلون عن جمعية الصم والبكم في جنوب أفريقيا وصفوا جانتغي الذي وقف على بعد أمتار من زعماء العالم، بأنه «مترجم مزيف لا يتقن لغة الإشارة حتى لكلمات مثل «شكراً» و «مانديلا»، إذ بدا وكأنه يطرد البعوض عن وجهه»، مضيفة: «لا نعرف هذا الرجل». وأثار ذلك تساؤلات حول تأمين الحدث، وألقى بظلال على مراسم وداع جنوب أفريقيا لمانديلا. كما زاد الضغط على الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما الذي استقبلته حشود ملعب «سوكور سيتي» الثلثاء بصيحات استهجان، بعد سلسلة مزاعم بالفساد استهدفته مع حكومته. وأعلنت الحكومة في جنوب أفريقيا أنها «تنكبّ على درس المشكلة»، متعهدة تقديم معلومات لاحقة عن القضية مع التشديد على التزامها «الدفاع عن حقوق المعوّقين وكرامتهم». كذلك أثار الموضوع ردود فعل دولية، إذ أشار البيت الأبيض إلى أن دوائره اتصلت بحكومة جنوب أفريقيا لمعرفة «من هو هذا الشخص ومن المسؤول» عن وجوده إلى جانب الزعماء الذين ألقوا كلمات خلال تأبين مانديلا وبينهم الرئيس أوباما.