وصف 400 عالِم في «الوكالة الأميركية للطيران والفضاء» («ناسا») هذا الاكتشاف بأنه «نقطة تحوّل في خريطة البحث عن حياة على المريخ». لم يعد الأمر تخميناً ولا ترجيحاً. إذ حفرت السيّارة الفضائية المؤتمتة «كوريوزيتي» بعمق 5 سنتيمترات في صخرة في «خليج يالو نايف» الذي يقع في مكان جاف احتوى على بحيرة للمياه العذبة قبل زمن غابر في المريخ. وأدى تحليل المعطيات الأحدث التي أرسلتها «كوريوزيتي» إلى العثور، للمرّة الأولى، على آثار مباشرة لمواد عضويّة على الكوكب الأحمر. وعلى رغم تحفّظ الفريق العلمي الكبير الذي يرافق أعمال «كيوريوزيتي» من «مختبر الدفع النفّاث» في «باسادينا» بولاية كاليفورنيا، عن ربط هذا الاكتشاف بوجود حياة على المريخ في الماضي، فإن هذا الأمر بات شبه مُرجّح، نظراً إلى الترابط الوثيق بين المواد العضويّة والأشكال الحيّة، أقلّه كما برهنه التاريخ على... الأرض. ولذا، لم يتردّد جون غروتزينغر، وهو عالِم جيولوجيا يقود هذا الفريق العلمي المرّيخي، في وصف هذه المعطيات بأنها «حاسمة. إنه تغيير جذري... إذ دخلنا في حقبة البحث إراديّاً عن مواد عضويّة على المريخ». وكذلك استخدم العلماء تعبير «الجزيئات الأحفوريّة» Molecular Fossils، في وصف ما عثرت عليه «كوريوزيتي»، السيّارة- الروبوت التي حطت على سطح الكوكب الأحمر قبل 16 شهراً. ونشر فريق البحث نتائج تحليلاته لمعطيات «كوريوزيتي» على الموقع الشبكي لمجلة «ساينس» الناطقة بلسان «الجمعية الأميركية لتقدّم العلوم». ويشمل هذا السبق العلمي للروبوت- السيّارة «كوريوزيتي» أن معطياتها استطاعت أيضاً تحديد الزمن الذي تعرّضت فيه الصخور لعوامل تعريّة تأتّت من انكشافها لسيول من الأشعة الكونيّة التي تنهمر على سطح المريخ. وسجّلت هذه المعطيات وجود مواد كربونيّة- معدنيّة تتراوح بين 1 في المئة و3 في المئة في هذه الصخرة، فيما شكّلت المواد العضويّة 97 في المئة، مع ملاحظة أن الكربون يشكّل أساس تركيب هذه المواد أيضاً. ثمة سؤال بقي مُعلّقاً، بل أنه هو الذي أرغم علماء فريق «سام» على التحفّظ عن الاستنتاج مباشرة بوجود حياة على المريخ: هل جاءت هذه المواد العضويّة من خارج المريخ (عبر النيازك والمذنّبات)، أم أنها صنعت من كائنات حيّة بقيت تحت سطح الصخرة؟ لم يبح الكوكب الأحمر بكل أسراره، ليس بعد!