«البحث عن الحياة على هذا الكوكب». حملت مركبة الفضاء «كوريوزيتي» هذه الكلمات باعتبارها هدفاً رئيساً لرحلتها إلى المريخ. أحدثت هذه الرحلة ضجة علمية عام 2012، إذ وُصِفَت بأنها أحد إنجازات القرن 21. وفي مهمة تمتد 5 سنوات، تحاول «كوريوزيتي» البحث عن أدلة حول وجود أشكال حيّة ربما عاشت قديماً على سطح الكوكب الأحمر. أرضٌ لأيامٍ آتية منذ 5 آب (أغسطس) الفائت، تسعى «كوريوزيتي» للكشف عن إمكان أن يصبح هذا الكوكب «أرضاً» يسكنها البشر مستقبلاً، ما يذكّر بسيل من القصص التي تخيّلت وجود حياة على الكوكب الأحمر، بل حضارة تشبه ما صنعه بني البشر على الكوكب الأزرق وربما تفوّقت عليها ذكاءً وتقدّماً. في الوقت الحالي، يستبعد علماء «الوكالة الأميركية للفضاء والطيران (ناسا) إحتمال أن يكون المريخ قادراً على استضافه حياة بشرية، إلا أن العثور على أدلة عن ماضٍ للحياة على المريخ يعطي أملاً بأن يصبح المريخ «أرضاً» للإنسان مستقبلاً. لذا، تبحث «كوريوزيتي» بدأب عن «حياة بيولوجية» في المريخ، وكذلك الحال بالنسبة للكواكب السيّارة التي رُصدت مجموعة منها تفوق المئة، في الفضاء الكوني. واستطراداً، تتضمّن أعمال «كيريوزيتي» بحوثاً عن الماء باعتباره شرطاً أساسيّاً للحياة، كما نعرفها على الأقل، إضافة إلى التفتيش عن آثار لمواد عضوية وهي جزء أساسي من تركيب الأشكال الحيّة. وبعد أسابيع من وصولها الى المريخ، بثّت «كوريوزيتي» صوراً لكتل صخرية توحي تركيبتها بأنها رافقت تدفّقات لمياه جرت في ماضٍ غابر على المريخ، كما احتوت تعرّجات ربما أحدثتها أنواع من البكتيريا الحيّة. وتصلح هذه الصخور أيضاً موضعاً لبحوث عن ماضي البيئة على الكوكب الأحمر. يندرج غاز ال «ميثان» ضمن المُركّبات العضوية التي تتمحور تركيبتها حول الكربون، بل يعتبر من أبسط المواد العضوية. ويشكّل هذا المُركّب الذي ربما يتّصل مع كثير من الأشكال الحيّة وتحلّلاتها، أحد الأهداف التي يضعها علماء «ناسا» نصب أعينهم، أثناء متابعتهم أعمال المركبة «كوريوزيتي». «توأمان» في 2016 على كوكب الأرض، يتولّد غاز ال «ميثان» من الكائنات الدقيقة. ويتصاعد إلى الغلاف الجوي، ليرافق ثاني أوكسيد الكربون وبخار الماء. ووجود ال «ميثان» في غلاف المريخ الجوي يعطي أملاً بوجود الحياة فيه. ويتوقع كثيرون العثور على كائنات دقيقة هاجعة منذ بلايين السنين في أعماق المريخ، ربما تحت طبقات الجليد فيه. وعام 2003، رصد العلماء مؤشّراً الى وجود ال «ميثان»، لكن «كوريوزيتي» لم تؤكّد وجوده في بحوثها الأولى. وتستعد وكالة «ناسا» لإطلاق الرحلة 44 إلى كوكب المريخ مع حلول عام 2020، وهي تتضمن إطلاق مركبتي فضاء. حينها، تصبح المسافة بين الأرض والمريخ مناسِبَة لرحلة فضائية. وتدرس «ناسا» ثلاثة مواقع لهبوط المركبتين على المريخ. ويتولي قمر اصطناعي عمليات الفحص بالأشعة تحت الحمراء، لسبر غور الطبقات العميقة للكوكب الأحمر، وتحديد المواقع الأكثر ملائمة لهبوط المركبتين وعملهما. ويتوقع أن تتشابه المركبتان مع مواصفات «كوريوزيتي»، مع تميّزهما بهيكل معدني يتيح هبوطاً قليل التكلفة، ما يخفض تكاليف الرحلة إلى قرابة 1.5 بليون دولار. كما تحتوي المركبتان كاميرات متطوّرة، وأدوات لقياس النشاط الزلزالي، وأداة حفر قوية، وجهاز لقياس حرارة باطن المريخ. يتوقع العلماء أن تتمثل مهمة المركبتين التوأمتين ل «كوريوزيتي»، في جمع عيّنات من طبقات عميقة في المريخ.