تسببت الأزمة المالية العالمية وتباطؤ الاقتصاد العالمي وانخفاض أسواق الأسهم والعقارات في تراجع كبير لأرباح قطاع الأسمنت في دول مجلس التعاون الخليجي العام الماضي بلغت نسبته 35 في المئة، بعد أن حققت نمواً جيداً خلال الأعوام الماضية. وكان قطاع الأسمنت شهد في العام السابق ازدهاراً كبيراً نتيجة الارتفاع الحاد في الطلب على الأسمنت من المشاريع العقارية ومشاريع البناء والتشييد، والمشاريع الأخرى، كما استطاع القطاع طرح المزيد من كميات الأسمنت وتحقيق مكاسب أكبر. وقال بيت الاستثمار العالمي (غلوبل) في تقرير حول أداء شركات الأسمنت الخليجية العام الماضي إن الزيادة في أسعار الأسمنت أثر سلباً في الشركات، وأدت إلى تدني هوامش ربحيتها إضافة إلى أرباحها، وأنهى القطاع عام 2008 مسجلاً انخفاضاً في أرباحه بنسبة 35 في المئة لتصل إلى 1.4 بليون دولار، مقارنة ب 2.2 بليون دولار في 2007. وأوضح التقرير (حصلت «الحياة» على نسخة منه) أن قطاع الأسمنت تكبد خسائر في الربع الرابع من العام الماضي بقيمة 42 مليون دولار، مقارنة بأرباح قدرها 469 مليوناً في الربع الرابع من 2007. وأشار التقرير إلى أنه على رغم التباطؤ الاقتصادي إلا أن قطاع الأسمنت الخليجي ما زال يواصل نموه، إذ لم يؤثر تباطؤ نمو أسواق العقار والبناء والتشييد في أسواق السعودية و قطر إلى حد كبير، كما أن معظم مشاريعهما يتم إنجازها في الوقت المقرر لها. وحول ربحية قطاع الأسمنت في كل دولة على حدة، فإن قطاع الأسمنت القطري هو الوحيد الذي سجل نمواً في أرباحه بلغت نسبته 10 في المئة، في حين سجلت قطاعات الأسمنت في بقية الدول انخفاضاً تراوح بين 11 و 105 في المئة. وسجّلت ربحية قطاع الأسمنت الكويتي الانخفاض الأكبر، متراجعاً بنسبة 105 في المئة، يليه قطاع الأسمنت الإماراتي بنسبة 73 في المئة، واستطاعت شركات الأسمنت العُمانية والسعودية الخروج من العام 2008 مسجلة انخفاضاً اسمياً في أرباحها، وذلك بسبب قلة اعتمادها على مصادر أخرى للدخل واكتفائها بالتركيز على نشاطها التجاري الأساسي. ولفت التقرير إلى أن القطاع تمكن من تحقيق إيرادات قدرها 5 بلايين دولار مقارنة ب 4.4 بليون دولار في 2007، بارتفاع 16 في المئة. وحصدت السعودية والإمارات أعلى الإيرادات، إذ توجد فيهما معظم شركات الأسمنت، وأسهمت السعودية بأكثر من 40 في المئة من إجمالي إيرادات شركات الأسمنت، وبلغت بليوني دولار، تليها الإمارات بإيرادات قدرها 1.7 بليون تمثل 34 في المئة من الإيرادات. وبيّن تقرير «غلوبل» استمرار ضغوط تكاليف الأسمنت، وشهد القطاع زيادة بلغت نسبتها 36 في المئة في كلفة مبيعات الأسمنت لتصل إلى 3.1 بليون دولار، ما أدى إلى خفض إجمالي هامش ربح شركات الأسمنت إلى 38 في المائة بعد أن بلغت 47 في المائة سابقاً. وعزا التقرير ارتفاع كلفة مبيعات الأسمنت إلى زيادة أسعار الكلنكر المستورد، وكذلك الزيادة المطَّردة في أسعار الوقود مثل فحم جنوب أفريقيا، إذ لا تمتلك معظم شركات الأسمنت في المنطقة طاقات كافية من الكلنكر، ولكنّها تمتلك طاقة أكبر لطحن الأسمنت، والتي بدورها تدفعها إلى استيراد المزيد من الأسمنت لتلبية حاجاتها منه. وأشار إلى أن هناك سبباً أساسياً آخر في انخفاض ربحية شركات الأسمنت في المنطقة، وهو السبب ذاته في انخفاض ربحية الشركات في عدد من القطاعات الأخرى في دول الخليج، وهو هبوط أسواق العقارات والأسهم التي تعمل فيها معظم شركات الأسمنت. وأشار إلى تراجع قيمة أسهم قطاع الأسمنت إلى 9.8 بليون دولار في 2008، مقارنة 10.5 بليون دولار في 2007، وبلغت قيمة الأسهم 74 في المئة من إجمالي موجودات شركات الأسمنت في مقابل 83 في المئة. وقال التقرير إن 4 شركات من أصل 24 شركة تمكنت من إنهاء العام 2008 بنمو في ربحيتها، في حين سجّلت الشركات الباقية انخفاضاً أو أنهت العام بخسائر، وسجلت شركة أركان لمواد البناء خسائر قدرها 291 مليون درهم إماراتي، وكانت شركة أسمنت بورتلاند الكويت ثاني أكثر الشركات المتراجعة، وخسرت 8.8 مليون دينار كويتي. وكانت شركة أسمنت رأس الخيمة أبرز الشركات الرابحة وحققت زيادة بنسبة 46 في المئة، لتصل إلى 80 مليون درهم مقارنة ب 55 مليوناً. وبالنسبة للتوسع، قال التقرير إن شركات الأسمنت وضعت نفسها على الطريق الصحيح، كما أنها تجري توسعات ضخمة في طاقتها الإنتاجية، ومن المتوقّع أن ترتفع إجمالي الطاقة الإنتاجية لدول مجلس التعاون الخليجي إلى 112 مليون طن سنوياً بحلول عام 2011، مقارنة ب 85 مليون طن سنوياً في نهاية 2008. وأشار إلى أن كل شركات الأسمنت المدرجة وغير المدرجة في السوق السعودية تجري توسعات في طاقتها الإنتاجية لترتفع من 44 مليون طن سنوياً خلال 2008 إلى 55 مليوناً بحلول 2011، كما أن الإمارات تعمل على رفع طاقتها الإنتاجية من الأسمنت من 29 مليوناً إلى 41 مليوناً.