راسل العشرات من أعضاء اللجنة المركزية ل «جبهة التحرير الوطني» (الحزب الحاكم) في الجزائر، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، طالبين منه «النظر في الوضع الخطر الذي آل إليه الحزب في عهد أمينه العام عمار سعداني». وحض الأعضاء الذين يقودهم القيادي «المتمرد» عبد الحميد سي عفيف، الرئيس الجزائري على الدعوة إلى عقد دورة جديدة للجنة المركزية ل «إنقاذ الوضع». وبالكاد هدأ أعضاء «الحركة التقويمية» المناهضة للأمين العام للحزب الحاكم، حتى ظهرت حركة التمرد الجديدة في الحزب من داخل الهيئة التي زكت زعامة سعداني قبل شهور قليلة. واختار المتمردون الجدد فرصة عودة سعداني من «رحلة خاصة» إلى فرنسا، لكشف فحوى رسالتهم إلى بوتفليقة الذي يرأس شرفياً «جبهة التحرير». وطعنت الرسالة في شرعية انتخاب سعداني أميناً عاماً في 29 أب (أغسطس) الماضي، ما شكل دعماً للقضية التي رفعها أعضاء «الحركة التقويمية» لدى القضاء للفصل بعدم شرعية تلك الدورة ولا الدورة التي تلتها وأعلن خلالها ترشيح الجبهة بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة. وعاب معدو الرسالة على دورة اللجنة المركزية عدم «مطابقتها مع المواد 45 و 46 و 49 التي تحدد الشروط اللازمة لعقد دورة للجنة المركزية». ولا يجد الأمين العام للحزب الحاكم، وأحد أبرز حلفاء بوتفليقة، سبيلاً لإحكام قبضته على مفاصل الجبهة خصوصاً بعد تخلي الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم عن دعمه له بسبب ما سماه «تعيين أنصار مرشح الرئاسة السابق علي بن فليس في مناصب قيادية». وأشارت الرسالة التي وقعها 110 أعضاء في اللجنة من بينهم أعضاء سابقون في المكتب السياسي وأمناء محافظات، إلى «تجاوزات قانونية» سجلت خلال الدورتين السابقتين التي تم فيهما انتخاب الأمين العام الجديد والمصادقة على تركيبة المكتب السياسي. وتضمنت الانتهاكات أيضاً «عدم تثبيت حضور أعضاء اللجنة المركزية عن طريق محضر قضائي، وعدم التأكد من شرعية الوكالات، وحشد الغرباء للحضور والتصويت على اللائحة السياسية والمكتب السياسي». وقال المتمردون في رسالتهم: «لهذا نرفض الطريقة المعتمدة في التعيين وفرض أمين عام»، من دون تحديد الجهة التي فرضته. وكرروا رفضهم ل «كل الانحرافات والتجاوزات المرتكبة في حق مؤسسات الدولة والتهجم على البعض منها والتفرد بالقرارات في قضايا مصيرية من دون اللجوء إلى الهيئات النظامية». وللتميّز عن مواقف أجنحة أخرى معارضة لسعداني تتهم بالعمل لصالح قيادات خارج الحزب، استهل أعضاء اللجنة البيان بالإعلان عن ولائهم لبوتفيلقة، وأكدوا على «موقفهم الثابت والداعم لترشحه لولاية رئاسية رابعة». وتسبب سعداني في تحول الأزمة إلى هزات ارتدادية تشمل المجموعة البرلمانية غير الراضية عن تشكيلة المكتب السياسي الجديد وأيضاً إلى داخل ال 27 نائباً من الذين ترشحوا من أجل الفوز بالمقعد الوحيد المخصص للحزب في المجلس الدستوري. ومن شأن ذلك أن يزيد حال الانقسام داخل أعلى هيئة في الحزب، وهي اللجنة المركزية، بين مؤيدي الأمين العام الحالي وبين الرافضين له من أتباع «الحركة التقويمية» التي أعلنت عدم اعترافها برئاسة سعداني للحزب، وقررت التحضير لدورة للجنتها المركزية بمساعدة المنسق العام السابق عبد الرحمن بلعياط.