حدثان مهمان ستشهدهما منطقة الخليج خلال الأعوام العشرة المقبلة، أحدهما رياضي وهو استضافة قطر لنهائيات كأس العالم 2022، أما الحدث الآخر فهو اقتصادي ترفيهي سياحي، وهو إقامة معرض إكسبو في دبي، بعد أن فازت بتنظيمه في منافسة قوية بين ثلاث مدن عالمية، هي بيكاترنبيرغ الروسية، وازمير التركية، وساوباولو البرازيلية، ويقام هذا الحدث في 2020، ومن المهم أن نبارك للأشقاء في الإمارات على فوز «دبي» بتنظيم هذا الحدث الاقتصادي المهم، والذي يعد نقلة كبيرة لصناعة المعارض والمؤتمرات، وأيضاً تنوع الاقتصاد في المنطقة، وخصوصاً صناعة النقل والفنادق والسياحة، وهذا يعني أن منطقة الخليج ستشهد على مدى عامين حضوراً مكثفاً من مختلف الجنسيات والشعوب، إضافة إلى شركات عالمية، للمشاركة في هذا الحدث الاقتصادي المهم، بالنسبة إلى قطر، فالاستعدادات بدأت منذ أن أعلن فوزها بتنظيم البطولة، وأما الإمارات وتحديداً إمارة دبي فقد انطلقت قبل عامين قبل أن تسلم ملفها، وأعلنت جملة مشاريع اقتصادية وسياحية، فضلاً عن فرص العمل التي قاربت ال280 ألف وظيفة ستخلقها هذه الفعاليات، ونحو 25 مليون زائر، ودخل يزيد على 139 بليون دولار. بالتأكيد هذا الحدث الاقتصادي المهم سينعش قطاع العقار والنقل والمقاولات في مختلف مدن الإمارات، لاستقبال السياح والزوار المتوقع حضورهم، وهي فرصة لتسويق وترويج العديد من الفعاليات التراثية وأصالة المنطقة وتاريخها القديم، والوقوف على حضارة هذه المدن الخليجية، وكيف تحولت من خيام وإبل وصحراء وحياة صعبة إلى حضارة، تضاهي وتنافس مدناً عالمية في تطورها وتقدمها، وفي الدرجة الأولى كيف أن الإنسان أصبح جزءاً مهماً من التنمية في هذه البلاد. أجزم بأن الإماراتيين قرروا أن يشمروا عن سواعدهم، وفي مقدمهم رائد التنمية الحضارية في دبي الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والبدء في تنفيذ ما وعدوا به العالم، أو كما قال محمد بن راشد: «سنبهركم في دبي». وبحسب توقعات المنظمين، يحتمل أن يقصد المعرض يومياً 300 ألف شخص من الزوار عدا الشركات والجهات التي ستشارك بعروضها فيه من أكثر من 180 دولة. تجري الاستعدادات من الآن مع سلطات الطيران التي تقوم بتوسيع وترقية البنية التحتية الجوية، ويخضع مطار دبي الدولي لتجديد تبلغ كلفته 7.8 بليون دولار، وسيسمح ذلك للمطار باستيعاب 90 مليون مسافر في العام. لعلي أتساءل هنا، هل نترك الإماراتيين يعملون لوحدهم في هذا الحدث الاقتصادي الكبير من دون أن تستفيد مدن ودول خليجية أخرى من هذا المعرض؟ يقولون إن البعض يلتهم خبزاً فقط على رائحة الشواء، فهل من المعقول أن تشهد المنطقة مثل هذا الحدث ولن نستفيد منه؟ بالتأكيد أن إقامة معرض إكسبو في دبي فرصة لكل مدن الخليج في المنطقة للاستفادة منه، وذلك ضمن منظومة التكامل والتعاون الاقتصادي وتبادل المنفعة. الوحدة الخليجية التي أعلن عن برامجها واستكمالها هي فرصة سانحة لتجربتها، سواء بتوحيد التأشيرة السياحية، بحيث يسمح للزوار بزيارة الدول الخليجية خلال فترة وجودهم في المعرض، أو إتاحة الفرصة لمن يرغب في زيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي وأداء العمرة، بحيث تسهل له مهمة الدخول من دون أي معوقات، وأيضاً تسهيل مهمة تنقلاتهم في بعض المدن السعودية، مثل: أبها والباحة والطائف، والعكس صحيح أيضاً، التنسيق في ما بين المنظمين لمعرض إكسبو ومؤسسات وشركات سياحية سعودية بتسهيل حضور المعتمرين في عودتهم لفعاليات المعرض. الفرص عديدة للاستفادة من هذا الحدث الاقتصادي، وفي ظني وقتها يكون قد اكتمل مشروع الربط الحديدي بين دول مجلس التعاون، واكتمل معها توحيد العملة الخليجية والتعرفة الجمركية، وتوحيد التأشيرة الخليجية كما هو معمول به لدى دول الاتحاد الأوروبي. ولا أستبعد إن كان إكسبو سيخلق 280 ألف فرصة عمل، فإن دول الخليج ستوفر أيضاً على رائحة إكسبو في دبي ما يقارب 150 ألف فرصة عمل، وستدفع المزيد من الاستثمارات، وبخاصة في مجال الفندقة والطيران وقطاع الخدمات والتجزئة، وأعتقد أن المزيد من البلايين ستتدفق إلى بقية دول الخليج، تزامناً مع معرض إكسبو، ليس منافسة لدبي، بل المشاركة معها لإنجاح هذه الفعاليات، ويتطلب من دول الخليج بأن تشمر أيضاً عن سواعدها، وتبدأ من الآن في العمل والتنسيق ووضع البرامج والحاجات المطلوبة. الفرص لا تأتي دائماً، إما أن تصنعها أو تستغلها، ومعرض إكسبو هو فرصة لبقية دول الخليج، فعليها أن تستفيد منه اقتصادياً واجتماعياً وسياحياً، وأتمنى أن أرى اجتماعات تنسيقية مشتركة بين وزراء ومسؤولين عن قطاع الاستثمار في دول الخليج، لتفعيل دور الشريك الفاعل لمعرض إكسبو، وإذا ما بقي المسؤولون في الخليج هكذا يتبادلون التهاني باستضافة دبي لهذا الحدث الاقتصادي المهم من دون أن يتحركوا، فإنهم حتماً سيخسرون حتى مشاهدة دخان الشواء، وسيضطرون إلى أكل خبز حاف. * كاتب وصحافي اقتصادي. [email protected] jbanoon@