أشاع مؤشر معهد بحوث الاقتصاد الألماني (إيفو) في ميونيخ، موجة تفاؤل لدى أرباب العمل والمسؤولين بعدما قفز مؤشر النمو نقطتين تقريباً ودفعة واحدة من 107.4 إلى 109.3 نقطة نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ما فاجأ حتى أكثر المتفائلين الذين توقعوا ارتفاعاً طفيفاً. وقال مدير المعهد هانس فرنر زِن إن الاقتصاد الألماني «يتطلع الآن بثقة إلى أشهر الشتاء المقبلة». وفي وقت ارتفع مؤشر توقعات الشركات السبعة آلاف المستطلَعة بدوره من 103.7 إلى 106.3 نقطة وهو الأعلى منذ ربيع عام 2011 وفق مدير المعهد، سجل مؤشر الأعمال الراهنة للشركات الألمانية زيادة من 111.3 إلى 112.2 نقطة. واعتبر الخبير الاقتصادي أندرياس ريس أنها «أرقام جيدة»، متوقعاً أن «يكون عام 2014 واعداً جداً». إلى ذلك أظهرت سوق العمل الألمانية استقراراً نهاية الشهر الماضي، على رغم ارتفاع عدد العاطلين من العمل نحو خمسة آلاف شخص عن رقم تشرين الأول (أكتوبر)، وبقي عددهم الاجمالي أقل من ثلاثة ملايين شخص من دون أن يتغيّر معدل البطالة المستقر على 6.5 في المئة، استناداً إلى الوكالة الاتحادية للعمل. ويماثل هذا الرقم المعدل المسجل في الفترة ذاتها من العام الماضي. ولاحظ رئيس الوكالة فرانك فايزه أن «وضع سوق العمل جيد عموماً»، لافتاً إلى «انخفاض مقبول لمعدل البطالة لكنه جاء أقل مما هو معهود في فصل الخريف من كل سنة». وأعلن أن وكالته تنتظر «تطوراً مستقراً في الأشهر المقبلة من دون ترجيح انخفاض قوي في البطالة لأسباب كثيرة منها ضعف الاقتصاد العالمي». وذكرت النشرة الاقتصادية الصادرة أخيراً عن غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية في برلين، أن الاقتصاديين والخبراء الألمان يرون مع ذلك أن تراجع البطالة «وصل إلى رقم عصي» لا يمكن خفضه أكثر من دون اللجوء إلى تدابير إضافية. واعتبر أن رفع معدل النمو الاقتصادي في شكل ملموس «ضروري لمواصلة خفض عدد العاطلين من العمل». ونشر اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية نهاية الشهر الماضي نتائج «استطلاع الخريف» الذي يجريه سنوياً بين أعضائه ال 28 ألفاً في ألمانيا، فذكر أن معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة تريد الاستثمار مجدداً في أقسام الإنتاج فيها، لتوسيع أشغالها على خلفية التوقعات الاقتصادية المتفائلة». وأفاد بأنها «تخطط لتأمين نحو 500 ألف فرصة عمل جديدة العام المقبل، بعدما تمنعت عن ذلك في الفترة الماضية. وأوضح الأمين العام للغرفة مارتين فانسليبن أن معظم الشركات المستطلَعة «تريد توسيع أمكنة الإنتاج وشراء الآلات والمستوعبات لأنها تنتظر تحسن الأوضاع في الداخل والخارج وارتفاع الطلب على إنتاجها». وذكر تقرير للمركز الاتحادي للإحصاء في فيسبادن، أن ألمانيا «تؤمّن حالياً فرص عمل أكثر من الأعوام السابقة» مشيراً إلى ارتفاع عدد العاملين أخيراً إلى ما يزيد على 42 مليون شخص للمرة الأولى منذ الوحدة الألمانية عام 1990. ورصد زيادة في اليد العاملة في كل الولايات الألمانية تقريباً. وتشير البيانات الإحصائية إلى تدفق الضرائب والرسوم على خزائن الدولة والولايات والبلديات، وإلى وجود فائض مالي متزايد في الصناديق الاجتماعية. أما بالنسبة إلى منطقة اليورو، لا تزال البطالة مرتفعة جداً خصوصاً في الدول المتعثرة، ويُتوقع أن تصل إلى حدّها الأقصى العام المقبل قبل أن تبدأ في التراجع بدءاً من عام 2015. وأوردت الإحصاءات الرسمية أن البطالة سترتفع إلى 19.8 مليون شخص بزيادة 70 في المئة عن عام 2007. وتحتل اليونان مع نسبة بطالة من 29 في المئة المرتبة الأولى، تتبعها إسبانيا مع 28 في المئة، وقبرص مع نسبة 24 في المئة. وعلى رغم ذلك ثمّة ضوء في نهاية النفق، إذ ينتظر خبراء خروج منطقة اليورو من أزمتها الاقتصادية المريرة العام المقبل في قطاعات كثيرة. وذكرت مؤسسة الاستشارات الاقتصادية الأميركية «إرنست أند يونغ» في دراسة نشرتها نهاية الشهر الماضي أن الناتج القومي لدول منطقة اليورو ال 17، سيسجّل معدلاً إيجابياً من 0.9 نهاية عام 2014، و 1.5 في المئة عام 2015. وأكد رئيس فرع المؤسسة في الدول الناطقة بالألمانية غيورغ غراف فالدرزي، تزايد المؤشرات التي تدلّ على أن إسبانيا وإيطاليا والبرتغال ستتجاوز أزمتها الاقتصادية بدءاً من العام المقبل، خصوصاً فرنسا التي ستحقق نمواً من واحد في المئة وألمانيا التي ستحقق نمواً أقوى يبلغ 1.7 في المئة.