يشير محمود رشيدية أوغلو، مدرّب الفرقة الفنية التركمانية في الموصل شمال العراق، إلى أن الفرقة الراقصة التابعة للمركز الثقافي التركماني، تمثّل نوعاً جديداً ولوناً ثقافياً من ألوان السلام المنشود في المدينة خصوصاً، والعراق عموماً. ويقول أوغلو في حديث ل«مدرسة الحياة»، إن الفرقة التركمانية اتخذت من الفلكلور العراقي ميداناً ومجالاً لترسّخ مبادئ السلام والتعايش والتآلف والإخاء بين قوميات المدينة وطوائفها، ساعية إلى أن تكون المدينة نموذجاً لإنجاح تجربتها في هذا المجال. ويوضح أن الفرقة تتألف من عشرة شباب لا يزيد عمر أي منهم عن 25 سنة، غالبيتهم من الجامعيين. ويحيي أعضاء الفرقة الحفلات ويشاركون في المهرجانات داخل العراق وخارجه، ويؤيدون رقصات فلكلورية تجسّد قصصاً عن التعايش والسلام. ويؤكد أوغلو، وهو أيضاً المسؤول عن الفرقة، إن «هدفنا توجيه الطاقات الشبابية في هذه المدينة الى ممارسات حضارية خلاّقة، تخدم الانسان الذي يعيش في المدينة أولاً، مهما كانت قوميته أو طائفته أو ديانته، وتخدم الحياة الانسانية والعيش المشترك والسلام العالمي ثانياً. كما اننا نقدّم صورة مختلفة عن تلك التي يروّج لها من لا يريدون عودة السلام والوئام إلى البلد، بإظهارنا بصورة القتلة المتشرذمين والمتفرقين والممزقين الذين لا يؤمنون بالتعايش ولا بالإخاء ولا بالعيش بسلام». ويلفت إلى أن نشاطات الفرقة انطلقت عام 2006، ويقول: «شاركنا لأكثر من مرة في احتفالات القنصلية التركية في الموصل، باحتفالها بيوم الجمهورية التركية، وشاركنا باحتفالات تأسيس جامعة الموصل، كما انطلقنا عابرين لحدود العراق للمشاركة في مهرجانات السلام في الأردن والجزائر ولبنان وعدد من الدول الغربية والأجنبية، منها تركيا والسويد وأذربيجان وتركمانستان وغيرها، وحتى الآن تصلنا الدعوات تباعاً من أجل المشاركة في المهرجانات الدولية والمحافل العالمية». ويضيف أن الفرقة «حصلت على عدد من الجوائز والشهادات التقديرية تثميناً لجهود السلام التي تبذلها في بلد يعاني من أوضاع أمنية متردية ومحاولة لتقسيمه وتفتيته على أسس طائفية واثنية مختلفة». وعن تاريخ الفرقة ومسيرتها، يجيب أوغلو أن فكرة السلام والتعايش تسيطر عليه، ويعتبر المدينة «فسيفساء العراق كونها من أكثر المدن العراقية تعدداً طائفياً وإثنياً وقمياً ودينياً»، ويقول: «بعد سقوط النظام العراقي عام 2003 أفسح المجال لتأسيس منظمات المجتمع المدني بحرية أكبر، وبعد أحداث العراق المختلفة التي كانت وراء تهجير القوميات والطوائف من المدينة قررت تشكيل الفرقة لنشر بذور السلام بطريقة ثقافية وبقالب فني». وبعد عام 2007 فتح المجال الإعلامي أمام الفرقة، وباتت أعمالها تظهر على شاشات عراقية وعربية وأجنبية. ويوضح أوغلو أن «من أكثر الفعاليات التي قدمناها تأثيراً كانت تلك التي تحكي عن شخص فقير يصل إلى قرية تأكل مما تزرع، فيحكي لأهلها قصة فقره وعوزه فيقدمون له منجلاً ويمنحونه فرصة ليحصد معهم ويقبض ثمن ما حصده. نحن نقصّ بالرقص على الحضور قصتنا التي تدور حول مبدأ التعاون والعيش المشترك الذي نتمتع به في مدينتنا». ويختتم حديثه بالقول إن حلمه «أن يعود العربي إلى جاره الكردي والتركماني والمسلم إلى جاره المسيحي والأيزيدي والشبكي ويعود كل منهم إلى مكانه الطبيعي في هذه المدينة، فلا يستطيع أيٌّ منهم أن يعيش من دون الآخر».