بالطبع استأت جداً من المقطع، وعلى رغم أن ما رأيناه جميعاً يعد عنفاً نفسياً لا جسدياً، إلا أن التطورات الأخيرة لموضوع مشهد أو مقطع الطفل الباكي أجبرتني على الرجوع بذاكرتي قليلاً إلى الوراء، لأتذكر حوادث دامية ومهينة وعنيفة حدثت مع طلاب وطالبات آخرين من معلمين ومعلمات، بعضها صُوّر ورأيناه في بعض المدارس كما شاهدناها لبعض دُور الملاحظة قبل أعوام قليلة جداً جداً، وبالطبع سمعنا وقتها استنكاراً وشجباً وتحقيقات، ولكن لم نسمع عن إيقاف معلم عن التعليم وتحويله إلى موظف إداري وبعد نشر المقطع فوراً، على رغم أن العنف الذي شاهدناه وفي مقاطع مختلفة اشتمل على تقييد وضرب وكسر أسنان وضرب في الجدار وفلكة، وكلها مجتمعةً أشد عنفاً وأكثر ألماً ومهانة، وربما يفوق العنف النفسي الذي مورس على الطفل الصغير طفل صبيا أو كما أطلق عليه الطفل الباكي. أعود إلى موضوعي، فأستغرب أن يوقف المعلم ويحال إلى عمل إداري سريعاً، فيما تباطأت قرارات في حوادث أخرى مخجلة لم تمر عليها أيام وقرأناها جميعاً في الصحف، فلم نسمع بمعلم أو معلمة صدر فيه قرار إيقاف بهذه السرعة. أعود مرة أخرى لأؤكد أنني ضد العنف النفسي والجسدي وغيرهما، ولكني ضد تحميل شخص واحد فقط كل أخطاء ثقافة مجتمعنا الذي يعيش تخبطاً حتى الآن عن معنى العنف وشكله. على رغم لومي لكل المعلمين والمعلمات العنيفين إلا أنّ لومي أكثر على الوزارة التي تسلمهم زهوراً بريئة من دون تدريب أو تمحيص أو اختبارات قياس نفسية. في حالة المعلم مصور المقطع ربما يتضح حسن النية، إذ إنه صرح - كما ذكر الخبر لمدير المدرسة وللمرشد - برغبته في علاج الطفل عن طريق تصويره، على رغم رفضي هذه الطريقة الفجة وغير التربوية، وبحسب اللقاء هم من شجعه بعد أن علموا بمبادرته غير التربوية، ولم يخبروه بعدم أحقيته بتصوير طالب من دون رغبته، خصوصاً أنه طفل صغير لم يعرف حقوقه الإنسانية بعدُ، وأعرف أن التصوير في مجتمعنا من دون استئذان يسبب مشكلات كثيرة في المناسبات والأفراح وغيرها لعدم وجود ثقافة الاستئذان، ولذلك تتفنن نساء في إخفاء الجوال أبو كاميرا في مناطق خاصة حتى لا تكتشفه المفتشة، (ما سبق موضوع عرضي سأتناوله في مقال قادم)، لأن الكثيرين استغربوا موضوع التصوير وسببه. أعلم جيداً أن الموضوع شائك وأن الوزارة المعنية والمسؤولين في حرج، ولكن لأن الإعلام تدخل بنشر المشهد فتسارعت خطوات التحقيقات حتى يسكت الأصوات المطالبة بالعقوبة. لذلك أطالب بإيقاف كل معلم عنيف رأيناه وكل معلم عنيف سمعنا عنه، وأيضاً كل معلمة أهانت أو ضربت طالبة في بيئة تعليمية، ومعاقبتهم كما حدث مع هذا المعلم وبأثر رجعي، حتى تتحقق العدالة في الجميع، بعد أن أصبح للإعلام دور فاعل في مجتمعنا وبعد أن صار سلطة جديدة. كاتبة سعودية [email protected]