سيطر مقاتلون جهاديون وعناصر في كتائب مقاتلة معارضة على بلدة معلولا المسيحية شمال دمشق بعد تقدمهم فيها اليوم الاثنين اثر اشتباكات مستمرة منذ ثلاثة ايام، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال المرصد في بريد الكتروني مساء اليوم "سيطر مقاتلو جبهة النصرة (المرتبطة بالقاعدة) وجبهة تحرير القلمون ولواء الغرباء ولواء تحرير الشام والكتيبة العمرية بشكل كامل على بلدة معلولا التاريخية التي تقطنها غالبية من اتباع الديانة المسيحية". واشار الى ان "اشتباكات عنيفة تدور في محيط البلدة بين القوات النظامية مدعمة بقوات جيش الدفاع الوطني" والمقاتلين الذين سيطروا على معلولا. وكان المرصد افاد في وقت سابق اليوم ان المقاتلين سيطروا على القسم القديم من البلدة، اثر اشتباكات متواصلة منذ ثلاثة ايام مع القوات النظامية والمسلحين الموالين لها. واوضح مصدر امني سوري في دمشق لوكالة فرانس برس ان مجموعات المعارضة المسلحة القت اطارات محشوة بالمتفجرات من التلال التي تتواجد فيها عند مرتفعات البلدة في اتجاه مواقع القوات النظامية داخل البلدة، ما اضطر هذه القوات الى التراجع. وتقدم مقاتلو المعارضة في اتجاه وسط معلولا. ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن "مصادر أهلية" ان "ارهابيين اقتحموا دير مار تقلا في معلولا ويحتجزون رئيسة الدير بلاجيا سياف وعددا من الراهبات اللواتي يعملن في الدير والميتم التابع له". وذكرت اذاعة الفاتيكان ان 12 راهبة ارثوذكسية اخرجن بالقوة من الدير، ناقلة عن السفير البابوي في دمشق ماريو زيناري ان الراهبات سورية ولبنانيات. واوضح السفير "يبدو ان الجهاديين اقتادوا الراهبات الى الشمال نحو يبرود. نجهل اسباب هذا العمل من جانب مسلحي المعارضة: انها عملية خطف او سيطرة على الدير لكي تطلق يدهم في معلولا". وبدا السفير حذرا قبل التحدث عن عملية خطف. وبعثت وزارة الخارجية السورية برسالتين الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ورئيس مجلس الامن الدولي، مشيرة الى ان "المجموعات الارهابية التكفيرية قامت صباح هذا اليوم بمهاجمة بلدة معلولا الاثرية (...) ونفذت اعمالا تخريبية طالت الكنائس وبيوت المدنيين الامنين، حيث قامت تلك المجموعات باقتحام دير مار تقلا واحتجاز رئيسة الدير الام بلاجيا سياف وعدد من الراهبات اللواتي يعملن في الدير"، وذلك بحسب ما افادت وكالة سانا. وطالبت الوزارة المجلس "بإدانة هذه الاعمال الارهابية بأشد العبارات"، والضغط على "الدول الداعمة لتلك المجموعات الارهابية التكفيرية لوقف تزويدها بكل وسائل الدعم اللوجستية والمادية". وشهدت معلولا جولة معارك في ايلول/سبتمبر نزح خلالها معظم السكان اثر دخول مقاتلي المعارضة الذين ما لبثوا ان خرجوا مجددا وعادت اليها قوات النظام. وترافقت تلك الجولة مع موجة ذعر بين مسيحيي البلدة الذين قالوا ان مسلحين اطلقوا النار على الكنائس ووصفوهم بالكفار. وتقع معلولا المعروفة بآثارها المسيحية القديمة ومغاورها المحفورة في الصخر على بعد حوالى 55 كلم شمال دمشق. وهي من اقدم المناطق المسيحية في العالم، وتقع على خارطة المواقع السياحية البارزة في سورية. وهي المكان الوحيد في العالم الذي لا يزال سكانه يتكلمون اللغة الآرامية، لغة المسيح. وغالبية سكانها من المسيحيين الكاثوليك، الا ان دير مار تقلا يعود للكنيسة الارثوذكسية. وياتي تجدد المعارك في معلولا وسط ضغط كبير تمارسه قوات النظام منذ اكثر من اسبوعين على مجموعات المعارضة المسلحة في منطقة القلمون التي تقع فيها معلولا. وتمكنت القوات النظامية مدعومة من حزب الله اللبناني خلال هذه الفترة من السيطرة على بلدة اساسية في القلمون هي قارة وطرد مقاتلي المعارضة منها ومن بلدة دير عطية التي كانوا دخلوا اليها بعد سقوط قارة في 19 تشرين الثاني/نوفمبر. وتعتبر منطقة القلمون الجبلية الحدودية مع لبنان استراتيجية لانها تشكل قاعدة خلفية للمعارضة المسلحة تزود منها معاقلها في ريف دمشق وبعض المناطق المتبقية لها في حمص بالسلاح والرجال. كما انها اساسية للنظام، لانها تؤمن له التواصل بين وسط البلاد والعاصمة.