تقاذفت الجهات الحكومية كرة المسؤولية في قضية وفاة طالب الثانوية عبدالله الزهراني في كيلو 14 بجدة أخيراً، وذلك بتنصلها من تحمل المسؤولية في وفاة الزهراني، إذ توفي نتيجة سقوطه في إحدى حفر الصرف الصحي، وأعادت تلك الحادثة المجتمع إلى مسلسل الحفر المكشوفة مرة أخرى، وتكرار قضية «حادثة التحلية» قبل نحو شهرين، والتي راح ضحيتها مواطن سعودي وطفله نتيجة سقوطهما في حفرة مكشوفة للصرف الصحي بالقرب من أحد المجمعات التجارية. وكانت أمانة جدة أصدرت بياناً صحافياً سابقاً تخلي فيه مسؤوليتها عن حفر الصرف الصحي في الشوارع، وتلقي بتلك المسؤولية إلى شركة المياه الوطنية، التي حاولت «الحياة» التواصل معها إلا أنها لم تتجاوب مع استفسارات الصحيفة المتكررة. وأكدت شرطة منطقة مكةالمكرمة على لسان متحدثها المقدم عاطي القرشي ل «الحياة» أن حادثة سقوط الطالب عبدالله الزهراني في إحدى حفر الصرف الصحي ليست جنائية، إذ تمت إحالة القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال إجراءاتها، مبيناً أن القضية سلمت بالكامل إلى هيئة التحقيق والادعاء العام بعد أن تم التأكد من عدم وجود شبهة جنائية. وأشار إلى أن ملابسات القضية والجهات التي تتحمل مسؤولية ذلك ستتضح لاحقاً بعد استكمال هيئة التحقيق والادعاء العام إجراءاتها في القضية. من جهتها، أكدت جمعية حقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة أنها ستتجه إلى الجهات الحكومية التي تعنى بالقضية للاطلاع على تفاصيلها، ومعرفة من المتسبب في الحادثة، وذلك ضمن أنشطتها المعهودة في حوادث حقوق الإنسان بمنطقة مكةالمكرمة، لافتة إلى أن تدخل الجمعية في القضية من ضمن أنشطتها التي تعملها في المجال الحقوقي بالمملكة. وأوضح المشرف العام على فرع جمعية حقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة الدكتور عمر حافظ ل «الحياة» أن تكرار الحوادث المؤدية إلى الوفاة بسبب حفر الصرف الصحي ليس منطقياً، إذ لا تقيد قضية ضد مجهول ولابد من محاسبة المقصرين في ذلك، مطالباً بضرورة تشكيل لجنة عليا من إمارة منطقة مكةالمكرمة لكشف ملابسات القضية وإظهار الحقائق للناس. وأضاف: «إن حادثة الوفاة الأخيرة للطفل عبدالله الزهراني تشير إلى ضرورة التشديد على الجهات المقصرة في الحفاظ على سلامة الناس في الشوارع والطرقات من الحفر المكشوفة، وبأي ذنب يموت الطفل، فالحقائق لابد أن تُظهر المقصرين والمتهاونين في سلامة الناس، وذلك ديدن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز». وفي ما يخص التعويضات عن حادثة الوفاة، بيّن الدكتور عمر حافظ أن التعويض عن الحادثة يكون على الجهة التي تتبع لها حفرة الصرف الصحي المكشوفة، فإذا كانت الحفرة تابعة لإحدى العمائر التجارية فإن المتحمل للتعويض صاحب العمارة، أما إذا كانت تابعة للمدرسة فإنها تقع تحت مسؤولية إدارة التربية والتعليم، مشيراً إلى أن الحكم على القضية بالتعويض وغيره لا يتم إلا بعد إظهار ملابسات القضية وكشف الحقائق كافة، إضافة إلى معرفة دور الجهات الحكومية الأخرى مثل وزارة البلديات الممثلة بأمانة جدة. بدوره، قال المستشار القانوني محمد الديني ل «الحياة» إن نظام التعويضات في السعودية يخضع لتقدير القاضي، إذ إن كل قضية تختلف عن الأخرى من حيث ظروفها وملابساتها وحجم الأضرار التي وقعت على الطرف المتضرر، مستدلاً بذلك في حديثه إلى «حادثة شارع التحلية» إذ إن الخطأ تشترك فيه جهات عدة، وعلى رغم أن الوفاة تندرج تحت بند القتل الخطأ إلا أن أضرارها بالنسبة لأسرة المتوفى كبيرة. وأضاف: «إن الوعي القانوني في أنواع القضايا كافة أمر ينقص المجتمع، وأمر مهم جداً خصوصاً قضايا التعويضات، لأنها قضايا حساسة ومرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحماية حقوق الفرد في المجتمع وكذلك حماية الأرواح والممتلكات، ولكن الجانب التوعوي في تلك القضايا لابد أن يكون بشرح الطرق الصحيحة لطلب التعويض ومتى يستوجب الخطأ التعويض، ومتى لا يستوجب ذلك». وبحسب رواية شهود عيان ل «الحياة» فإن استخراج جثمان الطالب عبدالله الزهراني تم بعد جلب أحد المواطنين صهريج مياه لشفط المياه من الحفرة، إذ ظل جثمان الزهراني في الحفرة مدة ساعتين، ولم يستطع الدفاع المدني من استخراج الجثمان على رغم وجود أحد الغواصين التابعين له في تلك الحادثة.