افتتحت في العاصمة الليتوانية فيلنيوس أمس، قمة بين الاتحاد الأوروبي وست جمهوريات سوفياتية سابقة هيمن عليها رفض أوكرانيا أكبر هذه البلدان بضغط من روسيا، توقيع اتفاق للتبادل التجاري بُحِث لشهور مع الاتحاد، ما يضعف استراتيجية الأخير حيال الشرق والتي أطلقت عام 2009. وأكد الاتحاد الأوروبي أن الاتفاق «ما زال مطروحاً على الطاولة»، مشدداً على مكاسب الاتفاق في القطاع التجاري أو تحرير تأشيرات السفر، ومذكراً ببلايين اليورو التي خصصت في السنوات الأخيرة لتحديث بلدان شرق أوروبا سياسياً واقتصادياً، مع تأكيد استعداده لزيادة هذه المبالغ من أجل تسهيل تكيفها. لكن فرص توقيع اتفاق في فيلنيوس اليوم تبدو ضئيلة، ما يرجح اكتفاء الاتحاد بتوقيع اتفاقي شراكة بالأحرف الأولى مع جورجيا ومولدافيا. أما توقيعهما نهائياً فلن يحصل قبل أشهر وربما سنة. وأغضب تراجع كييف عن التوقيع أغضب المعارضة الأوكرانية الموالية لأوروبا التي تنظم منذ أيام تظاهرات كبيرة تذكر بالثورة البرتقالية التي شهدتها البلاد عام 2004. لكن رئيس الوزراء الأوكراني ميكولا ازاروف أكد أول من أمس أن «مفاوضات توقيع اتفاق شراكة مستمرة، والعمل لتقريب البلاد من المعايير الأوروبية لا يتوقف». أما الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش فصرح سابقاً بأن بلاده «تنتظر شروطاً أفضل لتوقيع الاتفاق»، علماً أن قمة مقررة بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا في شباط (فبراير) 2004. وسيشرح يانوكوفيتش في قمة فيلنيوس موقفه لنظرائه الأوروبيين الذين يريدون معرفة المزيد عن نياته الحقيقية، علماً أنه وصف لدى انتخابه رئيساً عام 2010 بأنه موالي لروسيا، لكنه يبدو أنه يراوح اليوم بين روسيا وأوروبا في محاولة للإفادة من الأخيرة من دون إغضاب موسكو. وندد الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع ب «الضغوط الروسية» على أوكرانيا، وقالت المستشارة الألمانية انغيلا مركل: «الحرب الباردة انتهت، فيما لا يزال التقارب مع أوروبا يُفهم بأنه ابتعاد عن روسيا، وهو ما يجب تجاوزه». لكن الغرب يواجه انتقادات بسبب طريقة تفاوضه مع أوكرانيا، وقال الرئيس البولندي برونيسلاف كوموروفسكي: «ارتكبت بروكسيل خطأ في التقويم، إذ ركزت على ملف المعارضة يوليا تيموشينكو، على حساب سياسة الضغط والابتزاز التي تمارسها موسكو على كييف»، والتي سيوجه إعلان القمة تحذيراً «مبطناً» في شأنها، في مقابل دعوة دول أوروبا الشرقية إلى «الإصلاح والتقرب من الغرب». كما يأخذ مراقبون على الاتحاد الأوروبي عدم تحديده لأوكرانيا ودول شرقية أخرى رؤية واضحة لعملية التكامل الأوروبية، كما حدث مع الدول الشرقية عند سقوط جدار برلين عام 1989. وكانت أرمينيا تخلت عن الاتحاد الأوروبي مطلع أيلول (سبتمبر) حين أعلنت أنها ستنضم إلى الاتحاد الجمركي الذي تقوده روسيا. أما بيلاروسيا الذي يصفها الاتحاد الأوروبي بأنها آخر ديكتاتورية في أوروبا، فالعلاقات معها مجمدة في غياب تقدم في حقوق الإنسان. وأمس، دعت تيموشينكو القادة الأوروبيين إلى «تحرير أوكرانيا» عبر بذلهم كل ما في وسعهم لتوقيع اتفاق الشراكة الشرقية مع بلادها، وقالت في رسالة سلمها أقرباؤها: «إذا قرر يانوكوفيتش تحت ضغط التظاهرات في اللحظة الأخيرة توقيع الاتفاق، أطلب منكم أن توقعوه بلا تردد أو شروط، بما في ذلك في ما يتعلق بإطلاقي». وأضافت: «يجب ألا نحرر السجناء السياسيين اليوم بل أوكرانيا».