شارف الموسم الدرامي على الانتهاء، وبدأت جردة الحساب. قد يخرج بعضهم منها نادماً أو متحسراً على متابعة أكثر من عمل في وقت واحد. حتى بين أهل الفن أنفسهم، ومنهم من شارك في عملين أو أكثر في هذا الموسم يقول الشيء ذاته. ولكن وسط هذا كله، لا يمكن إغفال تلك المطحنة العملاقة التي تكاد أن تصنع شعوراً بالاختناق لدى مواكبة عمليات الطحن الناتجة منها. فمع كل مسلسل هناك وجبات اعلانية كبيرة تتخلله، ولا تترك أمام المشاهد إلا فرصة القفز الالكتروني بحثاً عن مسلسل آخر قد يلحق منه مشهداً أو مشهدين قبل أن يعود إلى هذا المسلسل أو ذاك. تبدو هنا (للمفارقة) معركة المعلنين خاسرة سلفاً. ففرصة عرض الاعلان في ساعات الذروة الدرامية، أو في ساعاتها العادية، بصرف النظر عن هوية المسلسل نفسه قد لا تؤمّن له الترويج المطلوب لمادته التجارية. فالتابع الحائر الذي يقع فريسة أربعة أو خمسة مسلسلات في الليلة الواحدة، قد يكون ممتناً في سره لهذه الوجبات الاعلانية الإجبارية التي قد تتيح له فرصة القفز بين المسلسلات، وذلك للتخفيف من الندم والحسرة على ضياع هذه الحبكة الدرامية... هذا إن كانت هناك حبكات مختلفة تقوم على شيء من الجدة والابتكار في الأداء الدرامي الذي كاد أن يفتقده الجميع إلا قلة. لكن ماذا لو كانت هذه الحبكات، والسؤال مشروع، تقترب من بعضها بعضاً إلى درجة لا تصدق. ما الذي يكون عليه شعور المتفرج إن قفز مثلاً بالريموت كونترول بين مسلسل «باب الحارة» مغتنماً فرصة عرض اعلان عن مشروب غازي كاسح يقدمه نجم كوميدي مصري، وبين مسلسل «الشام العدية»؟ بالتأكيد الحكاية ليست واحدة، ولكن ثمة تقاطعات كبيرة فرضتها اللعبة الانتاجية مع حضور غريب في المسلسل الثاني لنجوم هربوا أو ماتوا في المسلسل الأول. بالتالي تصبح فرصة الاعلان بحد ذاتها ذريعة يمكن التفلت منها، لأن الانتقال لم يكن موفقاً هذه المرة، فلا شيء في الأجواء الشامية يعكر صفو الانتقال المخملي والهادئ. الجديد يكمن في الاعلان التجاري الذي يكاد يودي بحياة ممثله وهو يبتلع لقمة كبيرة غير سائغة نتيجة شراهته التي يوفرها له المعلن على المائدة، ما يدفعه إلى الاستنجاد بالمشروب الغازي ليتخلص من الشعور بالاختناق مع ضربة على الظهر يسددها له النجم الكوميدي المعروف. ترى هل تشبه وجبة المسلسلات الكثيرة هذه اللقمة الضخمة، أم أن الشعور بالاختناق جراء المشاهدة أصبح عادياً، ويمكن التخلص منه بضربة ريموت كونترول واحدة على الظهر، وبعد ذلك يصبح الموضوع المطروح للنقاش عادياً ومقبولاً ويمكن الاحتفاء به بطريقة ما؟