عبر عدد من أهالي أطفال التوحد في محافظة الطائف عن معاناتهم الشديدة في رعاية أبنائهم من ذوي اضطراب التوحد، خصوصاً في ظل شح الخدمات الخاصة التي تقدم لهذه الفئة من غياب للعيادات المتخصصة للتشخيص، وعدم توافر مراكز للتدخل الباكر ومراكز للتعليم والتدريب. ويتحمل الكثير من الأسر عناء البحث عن الخدمات والرعاية والعلاج في المدن الأخرى التي تتوافر فيها بعض هذه الخدمات مثل جدة والرياض، مع ما يتحملونه من أعباء مادية ومعاناة نفسية وإرهاق كاهل الأسرة بكثرة الانتقال والسفر بحثاً عن العلاج والتأهيل. ويبلغ عدد أطفال التوحد بحسب مستشفى الأطفال في الطائف أكثر من 120 حالة. ويقول تركي الثبيتي وهو والد لطفل توحدي: «استبشرنا خيراً حينما أبلغتنا إدارة التربية والتعليم في المحافظة بافتتاح روضة لدمج أطفال التوحد مطلع العام الدراسي الحالي، وقمت بتسجيل ابني في هذه الروضة، ووعدوني بالاتصال حالما يبدأ العمل فيها، إلا أن الفصل الدراسي الأول أوشك على الانتهاء ولم يتصل بنا أحد، ولا نعلم من المسؤول عن هذا التأخير الذي حرم أبناءنا فرصة التدريب والتعليم». ويضيف: «بذلت جهداً كبيراً في تعليم ابني في المنزل، وسافرت به للعلاج مرات عدة داخل المملكة وخارجها، وتحملت مبالغ كبيرة في مقابل تعليمه وتدريبه في عدد من المراكز الأهلية ذات التكاليف الباهظة، كما قمت بإدخاله في إحدى المدارس الأهلية، وسجلته في الصف الأول الابتدائي، وتعاطف مدير المدرسة معي في بداية الأمر، وتم قبوله لفترة لم تتجاوز الأسبوع، إلا أن المدرسة فصلته بعد ذلك، بسبب ضعف تواصله مع من حوله، وعدم تفاعله مع زملائه، وعدم قدرة الطاقم التعليمي في المدرسة على التعامل معه لعدم وجود مختص». ويتابع الثبيتي: «من خلال رحلتي المضنية في تعليم ابني وتدريبه، استطاع أن يكتسب المهارات الاستقلالية، وتحسن نطقه، وزادت حصيلته اللغوية، وتعلم القراءة والأعداد، وبعض المهارات الحسابية، إلا أنه لا يزال يعاني من فرط الحركة وتشتت الانتباه، إضافة إلى ضعف مهارات التواصل، مع صعوبات في التعلم، وذلك مثبت في التقارير الطبية والنفسية التي أكدت أنه مصاب باضطراب التوحد ذي الأداء العالي، وهو ما يعرف بمتلازمة إسبرجر»، متسائلاً: «لماذا يصر المسؤولون في وزارة التربية على تجاهل هذه الفئة؟ أليسوا بشراً؟ ألا يحق لهم أن يعيشوا حياة طبيعية كأقرانهم؟». ولا يخفي أن بقاء ابنه المستمر في المنزل تسبب في إصابته بالاكتئاب، «كثيراً ما يسألني ببراءة وحزن: لماذا لا أذهب إلى المدرسة يا بابا؟أريد اللعب مع الأولاد». ويناشد أولياء الأمور كبار المسؤولين في هذه البلاد المباركة النظر بعين العطف لهذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم يحتاجون إلى مركز متخصص في محافظة الطائف، يحتضنهم ويعينهم وأسرهم على تحمل تبعات هذا الاضطراب، كما يطالب عدد منهم المسؤولين في وزارة التربية والتعليم بعدم تجاهل أبنائهم، والإسراع في افتتاح الروضة، إضافة إلى درس حال من لديه القدرة منهم على الانتظام في مدارس التعليم العام وتلقي التعليم الأكاديمي، ودمجهم من خلال تأهيلهم وإلحاقهم بفصول الدمج في المدارس العادية.